احرار الاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

احرار الاسلام

منتده اسلامى سياسي و اخبار عاجلة
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 معايير وطرق اختيار القضاة في الإسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعيدعبدالله
Admin



عدد المساهمات : 1012
تاريخ التسجيل : 24/09/2012

معايير وطرق اختيار القضاة في الإسلام  Empty
مُساهمةموضوع: معايير وطرق اختيار القضاة في الإسلام    معايير وطرق اختيار القضاة في الإسلام  Emptyالثلاثاء سبتمبر 25, 2012 2:28 am

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]كان يُرَاعَى في اختيار القضاة الصفات التي تُحَقِّقُ العدالة والمساواة؛ من العلم، والتقوى، والعدل، والعفَّة، وما يَتَّصِلُ بذلك[1].

ولذلك قرر عمر بن الخطاب أنه ينبغي للقاضي أن يتصف بثلاث خصال، هي ألا "يُصانع[2]، ولا يُضارِع[3]، ولا يتَّبع المطامع"[4]. وقد رأينا عمر يُرشد قضاته على الأقاليم بإرشاداته المهمة، التي تُعتبر من أولى القواعد العامة التي سارت مؤسسة القضاء في الحضارة الإسلامية على نهجها، وجعلتها آلياتها في الحكم، واستيعاب القضايا المختلفة.

وقد حرص الخلفاء الأمويون على تولية من اتَّصف بالعلم والصلاح والأمانة لولاية القضاء، فقد ولَّى عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- قضاء مصر لابن خذامر الصنعاني؛ وكان ذلك بعد سابق معرفة وتأكُّدٍ من قدرة ابن خذامر على تحمُّل أعباء هذه المهمَّة الثقيلة؛ فقد روى ابن حجر عن سبب تعيين عمر بن عبد العزيز لابن خذامر قوله: "وفد من أهل مصر وفدٌ على سليمان بن عبد الملك منهم ابن خذامر الصنعاني، فسألهم سليمَان عن شيء من أهل المغرب، فأخبروه، وأبى ابن خذامر أن يتكلم، فلما خرجوا، قال له عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ما منعك من الكلام يا أبا مسعود؟ قال: خفتُ والله أن أكذب. فعرفها له عُمر، فلما وَلِيَ كتب إلى أيوب بن شَرَاحبيل بولاية ابن خذامر القضاء، فولي القضاء من سنة مائة إلى سنة خمس ومائة"[5].

إن معرفة الرجال واختبارهم أمر ضروري جدًّا في تسيير شئون الدولة، ومعرفة مَن يصلح لها ممن لا يصلح؛ ولذلك فحينما كان عُمر بمثابة وزير لسليمان بن عبد الملك، عرف جيدًا من هم الرجال القادرون على تحمُّل المسئولية، وقد أسرَّ عُمر في نفسه صلاحية ابن خذامر لولاية القضاء في إمارة من الإمارات الإسلامية، وهو ما تمَّ بالفعل، ولقد صدق ظنُّ عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- في الرجل، فقد تولَّى خمس سنوات كاملة أدَّى فيها الواجب على أكمل ما يكون؛ ولذلك قال ابن حجر في حق ابن خذامر: "وهو أول من ولي القضاء بمصر من غير العرب، ولم يقبض منذ أن ولي القضاء -بسبب القضاء- درهمًا ولا دينارًا!"[6].

وعلى الرغم من استقلال مؤسسة القضاء منذ عمر بن الخطاب ، واتضاح ذلك بشكل أكبر منذ الخلافة الأموية، إلا أننا وجدنا كثيرًا من الفقهاء والعلماء يفرُّون من تولية القضاء؛ خوفًا من الله تعالى، إن حكموا بغير ما نزل به الشرع الحنيف، فقد ذكر وكيع في "أخبار القضاة" أن والي مصر يزيد بن حاتم (ت 177هـ) أراد أن يُعَيِّن قاضيًا على مصر، فشاور رجاله ومقرَّبيه في ذلك، فأُشير عليه بثلاثة نفر "حيوة بن شريح، وأبي خزيمة (إبراهيم بن زيد)، وعبد الله بن عباس الغساني. وكان أَبُو خزيمة يومئذ بالإسكندرية، فاسْتُحْضِر ثم أُتي بهم إليه، فكان أول من نوظر حيوة بن شريح، فامتنع فدُعِيَ له بالسيف والنطع[7]، فلما رأى ذلك حيوة أخرج مفتاحًا كان معه فقال: هذا مفتاح بيتي، ولقد اشتقتُ إلى معادي. فلما رأوا عزمه تركوه، فقال لهم حيوة: لا تُظْهِرُوا ما كان من إبائي إِلَى أصحابي؛ فيفعلوا مثل ما فعلتُ. فنجا حيوة!"[8].

وكان بعض القضاة يمتنع عن أخذ مرتَّب عن عمله في القضاء، ويرى أن ذلك منقصة له ولوظيفته، ومن هؤلاء ابن سماك الهمذاني، أحد قضاة الأندلس، فقد ذكر النباهي في (تاريخ قضاة الأندلس) صفاته ومناقبه، فمما قاله: "وكان من زهده وتواضعه يفتح القناة بنفسه، على ما حكاه عياض وغيره، ويكسر الحطب على باب داره، والناس حوله يختصمون إليه ويسألونه. وكان يلبس الصوف الخيش، ولم يركب دابَّة في البلد أيام ولايته؛ فإذا خرج إلى منزله بالبادية على حمار يشتدُّ دون خُفٍّ، يتقوَّت مما يأتيه من ماله؛ ولم يأخذ على القضاء أجرًا"[9].

كيفية اختيار القضاة
أولاً: طريقة الانتخاب

في بعض الأحيان كان يتمُّ اختيار القاضي عن طريق الانتخاب، وكان هذا الأمر احترامًا للرعية في اختيارها لمن تراه مناسبًا لهذه الوظيفة المهمة، فقد ذكر الكندي رواية عن أحد رجالات مصر ويُدعى البويطي، أنه قال: "أمر ابن طاهر (والي مصر) بإحضار أهل مصر[10]، فحضر الناس، وكنتُ فيمن حضر، فدخلنا على ابن طاهر، وعنده عبد الله ابن عبد الحكم، فقال: إن جمعي لكم لترتادوا لأنفسكم قاضيًا. فقال البويطي: كان أول من تكلم يحيى بن عبد الله بن بكير، فقال: أيها الأمير، ولِّ قضاءنا من رأيتَ، وجنِّبنا رجلين: لا تُوَلِّ قضاءنا غريبًا ولا زرَّاعًا[11].."[12]. وكانت هذه الحادثة عام (212هـ)؛ مما يُدلل على تمتع الشعب بالوعي الكامل في اختياره لمن يراه مناسبًا في منصب القضاء.

ثانيًا: طريقة التعيين

وكان الخلفاء يُعينون القضاة تبعًا لأهليتهم العلمية والدينية لهذا الأمر، ولم يهتمُّوا بعامل السنِّ ما دام القاضي جديرًا بتوليته هذا المنصب؛ ولذلك ذكر الخطيب البغدادي أن يحيى بن أكثم ولي قضاء البصرة، وسنُّه عشرون سنة، أو نحوها، وكان ذلك عام (202هـ)، فاستصغره أهل البصرة، فقالوا: كم سن القاضي؟ فعلم أنه قد استُصغر، فقال: أنا أكبر من عتاب بن أسِيد ، الذي وَجَّه به النبي قاضيًا على مكة يوم الفتح، وأنا أكبر من معاذ بن جبل ، الذي وجَّه به النبي قاضيًا على اليمن، وأنا أكبر من كعب بن ثور، الذي وَجَّه به عمر بن الخطاب قاضيًا على أهل البصرة، فجعل جوابه احتجاجًا[13].

وفي الأندلس، كان القضاة يسيرون على نهج المذهب المالكي، نتيجة لتعلم أكابر علماء الأندلس كزياد بن عبد الرحمن ويحيى بن يحيى على يد الإمام مالك بن أنس ، ومساندة خلفاء بني أمية كهشام بن عبد الرحمن لهم، نتيجة حُبِّهم واحترامهم لعلم الإمام مالِك رحمه الله[14].

لكن أهم ما ميَّز مؤسسة القضاء في العهد المملوكي، أنه قد استُحدث فيها قضاة على المذاهب الأربعة المشهورة، بعدما كان القضاء على المذهب الشافعي دون غيره، وقد أخبرنا القلقشندي عن رتبة القضاء، من خلال حديثه عن قضاة عصره، فقال: "بها أربعة قضاة من المذاهب الأربعة كما في دمشق إلا أن استقرار الأربعة بها كان بعد استقرارها بدمشق، وولاية كل منهم من الأبواب الشريفة بتوقيع شريف، ويختصُّ الشَّافعيُّ منهم بعموم تولية النواب بالمدِينَة وجميع أعمالها، ويقتصر من عداه (من المذاهب الأخرى) على التولية في المدِينَة خاصة كما تقدم في دمشق والديار المصرية"[15].

وقد كان اختيار قاضي القضاة أو قاضي الجماعة يتمُّ بعد اختبارات شاقة، يُعرف من خلالها صلاحية القاضي الجديد في القدرة على تسيير عمله وشئونه، والغريب أن الخليفة كان يختبر قاضي القضاة بنفسه، فقد ذَكَرَ الخشني في "قضاة قرطبة" طريقة اختيار أحمد بن بقيّ قاضي الجماعة، فقال: "قَلَّده أمير المؤمنين... ثم ولاه قضاء كورة جيان، وكورة إلبيرة، وكورة طليطلة، وامتحنه في كل وجه، وعجمه في كل معنى، وكفى بمحنة أمير المؤمنين واختباره! فألفاه خالصًا، ووجده ناصحًا، فلما شهدتْ له عنده التجربةُ، بدرجة الاستحقاق، فقلَّده قضاء الجماعة..."[16].

د. راغب السرجاني

[1] الماوردي: الأحكام السلطانية ص53، 54، وابن خلدون: العبر وديوان المبتدأ والخبر 1/221.

[2] صانَعَه: داراه ولَيَّنَه وداهَنَه، والمصانعة: أن تصنع له شيئًا ليصنع لك شيئًا آخر، وصانع الوالي: رشاه، والمصانعة: الرَّشوة. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة صنع 8/208.

[3] يضارع: أي يخشع ويخضع ويذل، ويرائي. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة ضرع 8/221.

[4] وكيع بن خلف: أخبار القضاة 1/70.

[5] ابن حجر: رفع الإصر عن قضاة مصر 2/305.

[6] المصدر السابق، الصفحة نفسها.

[7] النطع: بساط من الجلد كثيرًا ما كان يُقْتَل فوقه المحكوم عليه بالقتل. المعجم الوسيط، مادة نطع ص930.

[8] وكيع بن خلف: أخبار القضاة 3/232، 233، وانظر: عبد الرحمن المصري: فتوح مصر وأخبارها ص261.

[9] النباهي: تاريخ قضاة الأندلس ص32.

[10] لعل المقصود بأهل مصر أهل الرأي فيهم.

[11] الزرَّاع: النمَّام الذي يزرع الأَحْقادَ في قلوب الأَحِبَّاء. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة زرع 8/141.

[12] الكندي: الولاة والقضاة ص433.

[13] الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 14/198، 199.

[14] الخشني: قضاة قرطبة ص173، 174.

[15] القلقشندي: صبح الأعشى 4/228.

[16] الخشني: قضاة قرطبة ص173، 174.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://saidabdallah.yoo7.com
 
معايير وطرق اختيار القضاة في الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» يسر الإسلام في الصلاة
» علم التخدير في الإسلام
» قصة العلوم في الإسلام
» الحسبة في الإسلام
» الجزية في الإسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
احرار الاسلام :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: حضارتنا :: القضاء في الإسلام-
انتقل الى: