[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
إن المتصفِّح في طيَّات تاريخ أمتنا المجيد، يجد العجب العجاب؛ فصفحات التاريخ مملوءة بالعزِّ والفخر والمجد، كيف لا وقد دانت لهم جميع الممالك -بفضل الله تعالى-؟ وإن مما يبيِّن ما كانت عليه الأمَّة من دور القيادة والسيادة للعالم - ما ذكره بعض أهل التاريخ من إرسال ملك "إنجلترا" رسالةً إلى ملك المسلمين، يستعطفه فيها في تعليم أهل بلاده العلوم التي عند المسلمين، وهذا نصُّ رسالته:
"من جورج الثاني ملك إنجلترا والغال والسويد والنرويج، إلى الخليفة ملك المسلمين في مملكة الأندلس صاحب العظمة (هشام الثالث) الجليل المقام، بعد التعظيم والتوقير..
فقد سمعنا عن الرُّقيِّ العظيم الذي تتمتَّع بفيضه الصافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة؛ فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج هذه الفضائل؛ لتكون بدايةً حسنةً في اقتفاء أثركم، لنشر أنوار العلم في بلادنا التي يسودها الجهل من أربعة أركانٍ، ولقد وضعنا ابنة شقيقنا الأميرة "دوبانت" على رأس بعثةٍ من بنات أشراف الإنجليز، تتشرَّف بلثم أهداب العرش، والتماس العطف؛ لتكون مع زميلاتها موضع عناية عظمتكم، وحماية الحاشية الكريمة، وحدب من لدن اللواتي سيتوفرن على تعليمهن، ولقد أرفقت مع الأميرة الصغيرة هديةً متواضعةً لمقامكم الجليل، أرجو التكرُّم بقبولها مع التعظيم والحبِّ الخالص.
من خادمكم المطيع جورج الثاني ملك إنجلترا".
إن القارئ لهذه الرسالة يستشعر مقدار العزِّ الذي كان عليه المسلمون يوم أن كانوا متمسِّكين بكتاب الله تعالى، وصدق أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- حين قال: "إنَّا قومٌ أعزَّنا الله بالإسلام؛ فإن ابتغينا العزَّة بغيره، أذلَّنا الله".
والله! إن المتأمِّل لحال الأمة اليوم يجد العجب العجاب؛ أمَّة المليار مسلمٍ، ومع ذلك قد تكالبت عليها الأمم، ومأساةٌ هنا، ومأساةٌ هناك، أمَّة المليار مسلم، والمسلمون أذنابٌ للغرب.
والله إن المتأمِّل بحال سلفنا يجد العجب العجاب؛ ففي غزوة مؤتة، القارئ لها يحسُّ بعظمة أولئك الرجال، ويتيقَّن أن النصر ليس بالعدد والعدَّة؛ إنما بقوَّة الإيمان والصبر والإخلاص، فثلاثة آلافٍ مقابل مائتي ألف مقاتلٍ شيءٌ رهيبٌ، لكن قوَّة الإيمان والعزيمة والصدق والصبر، كلُّها أمورٌ ساعدت على النصر وهزيمة الأعداء.
فهلاَّ تفكَّرنا قليلاً وأمعنَّا النظر جيدًا في سيرة سلفنا؛ حتى نستقي منها العبر والدروس، لعلَّنا ننهض بواقع أمتنا، ونعود لما كان عليه سلفنا الصالح من عز وتمكين.
المصدر: شبكة الألوكة.