احرار الاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

احرار الاسلام

منتده اسلامى سياسي و اخبار عاجلة
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 الوقف على المكتبات في الحضارة الإسلامية .. الأندلس نموذجا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعيدعبدالله
Admin



عدد المساهمات : 1012
تاريخ التسجيل : 24/09/2012

الوقف على المكتبات في الحضارة الإسلامية .. الأندلس نموذجا  Empty
مُساهمةموضوع: الوقف على المكتبات في الحضارة الإسلامية .. الأندلس نموذجا    الوقف على المكتبات في الحضارة الإسلامية .. الأندلس نموذجا  Emptyالخميس سبتمبر 27, 2012 9:58 pm

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
تشير القراءة المتأنية لتاريخ الحضارة الإسلامية في عصورها المختلفة إلى أن الوقف[1] قام بدور بارز في تطوير المجتمعات الإسلامية (اقتصاديًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا وعمرانيًّا)؛ فقد امتدت تأثيراته لتشمل معظم أوجه الحياة بجوانبها المختلفة[2]. ومن أهم المظاهر التي يتجلى فيها البعد العلمي للوقف هو (إنشاء المكتبات) وفتح أبوابها في وجه طلاب العلم، وهو ما يعكس حبَّ المسلمين للعلم، وحرصَهم على نشره بين الناس، وتقديرَهم البالغ لأهله وطلابه[3].

الوقف على الكتب
انتشرت مكتبات الوقف في الأندلس والمغرب على مَرِّ التاريخ، وكان شعب الأندلس شعبًا يُقْبِل على العلم للعلم ذاته، ومن ثَمَّ كان علماؤهم متقنين لفنون علمهم لأنهم يسعون إليها مختارين غير مدفوعين بهدف غير التعلُّم، وكان الرجل ينفق ما عنده من مال حتى يتعلم، ومتى عُرِف بالعلم أصبح في مقام التكريم والإجلال ويشير الناس إليه بالبنان[4]. أما العلماء فقلَّ من تجده متبحرًا في علم واحد أو علمين؛ بل فيهم من يُعَدُّ من الفقهاء والمحدثين والفلاسفة والأدباء والمؤرخين واللغويين[5].

وقد كثرت مكتبات الأوقاف في الأندلس، وكانت تتاح فيها استعارة الكتب للجميع، ولا أدلَّ على ذلك من الخبر الذي أُثِر عن أبي حيان محمد بن يوسف بن حيان الأندلسي (ت 745هـ/1344م)، إذ كان يعيب على مشتري الكتب ويقول: "الله يرزقك عقلاً تعيش به، أنا أي كتاب أردته استعرته من خزائن الأوقاف وقضيت حاجتي"[6].

وتعتبر مكتبات المساجد هي النواة التي قامت على أساسها كل أنواع المكتبات الأخرى، فكانت هناك مكتبة في كل مسجد، واحتوت هذه المكتبات على كل أنواع الكتب (دينية وثقافية)، وقد كان من عادة العلماء أن يوقِفوا كتبَهم على المساجد ليضمنوا حفظها وإتاحتها للطلاب والدارسين[7].

فخلال مدة إقامة المسلمين الطويلة في الأندلس وُجِد كثير من المكتبات الملحقة بالمساجد، ويستخدمها الناس الذين ليس لديهم مكتبات خاصة؛ فقد كان من عادة العلماء أن يوقفوا كتبهم على المساجد لضمان حفظها وجَعْلها متاحة للطلاب الدارسين، وكانت هذه المكتبات تمتلئ بالكتب القيمة ذات الخط الجميل والتجليد الرائع والمصاحف وكتب الفقه وعلم الكلام[8].

وكانت هناك مكتبة مسجد طُلَيطِلَةُ[9] حيث كان من المساجد الشهيرة وتعقد فيه حلقات الدروس التي تجتذب الطلاب المسلمين والنصارى على السواء، حتى كان يقصدها طلاب نصارى من جميع أنحاء أوربا بما فيها إنجلترا وإسكتلندا، وقد بلغت شهرة مكتبتها من حيث هي مركزٌ للثقافة إلى أقصى البلاد النصرانية في الشمال[10].

وأيضًا مكتبة المسجد الجامع بقُرْطُبَة[11]، التي أسَّسَهَا الخليفة الأموي الحَكَم المستنصر سنة (350هـ/961م)، وقد أقام لها موظَّفِين مخصَّصِين للعناية بشئونها، وجمع فيها النسَّاخ، وعيَّن لها عددًا كبيرًا من المجلِّدِين، وقد ظلَّتْ محطَّ أنظار العلماء وطلاب العلم في الأندلس[12]، وقد أمَّها مختلف الطلاب (المسلمين والنصارى) لا من الأندلس فقط، ولكن من أنحاء أخرى من أوربا وإفريقيا وآسيا.

وكذلك مكتبة مسجد الزهراء[13]، ومكتبة مسجد مالقة. وكان العلماء يدعمونها بما يحبسونه عليها من كتب، ومنهم محمد بن لب الكناني الذي وقف جزءًا كبيرًا من مكتبته الخاصة على الجامع الكبير بمالقة[14] وكان ابن لب (ذاكرًا للعلوم القديمة معتنيًا بها عاكفًا عليها، وقبل وفاته حبس داره وطائفة من كتبه على الجامع الكبير ومكتبته)[15].

وقام المسجد بدور المدرسة، ولذلك وجد فيه كثير من الكتب القيمة وإن كانت الصفة الغالبة على هذه الكتب هي كتب الفقه وعلم الكلام، بينما تقلُّ فيها كتب الشعر غير الديني وكتب الفلسفة[16]. وتذكر المستشرقة زيجريد هونكه أن الحكام أنشئوا في كل حي دارًا للكتب وزودوها بمئات الألوف من الكتب، وجعلوها في متناول الجميع وفي مختلف فروع المعرفة، وكانت مجموعاتها ما بين عشرة آلاف ومائة ألف مجلد[17]. كمكتبة إشبِيلِيَّة العامة أيام الراضي بن المعتمد[18].

وكان الإنفاق على المكتبات بصفة عامَّة من ريع الأوقاف التي تُوقَف عليها؛ حيث كانت الدولة تُخَصِصُ لها أوقافًا مُعَيَّنَة، ويُقَدِّمُ لها بعض الأغنياء وأهل الخير أوقافًا تساعد في الإنفاق عليها[19].

المكتبات ودورها الحضاري
ساهمت تلك المكتبات بدور فعال في عملية الاتصال بين العلماء؛ حيث عملت على إمداد المؤلفين الأندلسيين بمصادر للمعلومات كان لها تأثير على مؤلفاتهم فيما بعد. كما وفرت تلك المكتبات الكتب النادرة الموجودة في المشرق؛ سواء توفرت هذه الكتب في مكتبات خاصة أو شبه عامة أو عامة، حتى أتاحت للمؤلفين -وإن لم يسافروا إلى خارج الأندلس- أن يحصلوا على المعلومات التي يريدونها من داخل تلك المكتبات[20].

ونتيجة لتلك الأوقاف على الكتب في الأندلس نشأت حضارة شامخة ارتكزت على مجموعة من الركائز، من أبرزها توفير الكتب للعامة فانتشرت المكتبات في طول البلاد وعرضها، وتعلق الأندلسيون بالكتب تعلقًا لافتًا للنظر، وانتشرت موجة حب الكتب والقراءة بين جميع طبقات المجتمع الأندلسي بلا استثناء.

كما انتشرت ظاهرة وقف الكتب في الأندلس والمغرب على مرِّ العصور، وجرت العادة أن تسلَّم للخِزَانات العامة، لتوضع تحت تصرُّف طلاب العلم والعلماء. وبفضل وقف الكتب والمكتبات انتشرت الثقافة في العالم الإسلامي وشملت جميع طبقات الناس، فقد كان نظام المكتبات يشجع الناس على الإقبال عليها لما يجدونه من العناية والنفقة السخية والإقامة المريحة، فينكبُّون على القراءة والنسخ والمطالعة، لا يزعجهم همٌّ، ولا يشغلهم خوف. كل هذا بفضل الخير العميم الذي فاض على المجتمع الإسلامي من مؤسسة الوقف العامرة[21].

كما ساهم الوقف على الكتب بطبيعة الحال في تنشيط حركة التأليف في الأندلس؛ حيث تفرغ عدد كبير من العلماء في مختلف المجالات للتأليف نتيجة توفر المكتبات الوقفية، ووجود عدد لا بأس به في كل مدينة أندلسية.

كما كانت تلك المكتبات تفتح أبواب المعرفة أمام الجميع، وأتاحت لهم فرصة الاطلاع على كتب وعلوم جديدة لم تكن متاحة لعدد كبير من الناس، ولعبت دورًا في تثقيف الناس وجعلت من بينهم المفكرين والعلماء والأدباء وأمدتهم بما يحتاجون إليه في تأليف كتبهم.

ولم تكن تلك المكتبات مجرد خزائن كتب؛ وإنما كانت مؤسسات تعليمية وتربوية أيضًا، فقد كانت أشبه ما تكون بالمدارس والجامعات، وبناءً على ذلك أسهمت بنصيب وافر في العملية التعليمية فكانت مكانًا لعقد حلقات الدرس والمحاورات والمناقشات بين العلماء وأهل العلم، وهو ما يتيح الفرصة للطلاب لعرض الأسئلة والاستفسارات وتلقِّي الإجابة عنها.

وكان كثير من الأهالي يحبسون كثيرًا من أراضيهم وبيوتهم أو بعض موارد دخلهم على المساجد مثلما فعل عبد الملك بن حبيب السلمي (ت 238هـ/852م) الذي كان له أرض وزيتون بقرية بيرة وهي إحدى قرى غرناطة وكان بها مسجد قراءته وحبس جميع ذلك على مسجد قرطبة[22] ومكتبتِه بطبيعة الحال.

وأمثلة وقف الكتب في الأندلس كثيرة، منها أن العالم أبا الوليد الباجي (ت 474هـ/1081م) أوقف كل كتبه على مسجد ببيرة عند أبي الحكم عبد الرحمن بن الحاج اللخمي (ت 601هـ/1204م) خطيب المسجد القائم بالإشراف على مكتبة المسجد[23].

وهناك العالم ابن مروان الباجي الذي وقف كل كتبه على مكتبة المسجد الجامع بإشبِيلِيَّة. وكذلك وقف محمد بن محمد بن لب الكناني طائفة من كتبه على الجامع الكبير بمالقة[24]. كما كان الوقف الطريقة التي حصلت بها الجامعات العظيمة مثل جامعتي قرطبة وطُلَيطِلَة[25] على مكتبتيهما[26].

وكانت الكتب الموقوفة منهلاً صافيًا لطلاب العلم، وكان بعض العلماء يحبسون كتبهم عند أشخاص يثقون فيهم لضمان الحفاظ عليها وعدم تبديدها، وحتى يستفيد منها طلبة العلم بعد وفاة حابسها، ومنهم هارون بن سالم (ت 238هـ/852م) الذي وقف كتبه عند أحمد بن خالد[27]، وقاسم بن سعدان بن عبد الوارث (ت 347هـ/957م) الذي حبس كتبه عند محمد ابن أبي دليم[28]. وقام الفقيه محمد بن عيسى بن إسحاق التجيبي (ت 485هـ/1092م) بحبس كتبه على طلاب العلم بالعدوة[29]. ووقف أبو عبد الله محمد بن فتوح بن عبد الله الأزدي الحميدي (ت 488هـ/1095م) كتبه على أهل العلم فانتفع بها الناس[30]. كما قام محمد بن علي بن ياسر الأنصاري الجياني (ت 563هـ/1168م) بوقف كتبه على أصحاب الحديث[31]، ومحمد بن محمد بن محارب الصريحي المالقي (ت 750هـ/1349م) فقد عهد بريع كبير على طلبة العلم وحبس عليهم كتبه[32].

في الختام:

تعتبر المكتبات بصفة عامة ومكتبات الوقف بصفة خاصة من أهم دعائم الحضارة؛ فهي تقوم بحفظ وصيانة كنوز المعرفة وتنظيمها وإتاحتها للجميع، كما أنها تعطي صورة صادقة لمدى اهتمام الشعب الأندلسي بالفكر والعلم والعلماء.

والوقف على المكتبات يعكس حب المسلمين للعلم وحرصهم على نشره بين الناس، وتقديرهم البالغ لأهله وطلابه. وبفضل هذا الحب الذي غرسه الإسلام في أهله أقبل الناس على وقف الكتب وإنشاء المكتبات العامة والخاصة، وإنَّ وقف المكتبات والكتب كان من مفاخر الحضارة الإسلامية ومآثرها التي فاقت بها سائر الحضارات[33].

المصدر: مجلة البيان.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://saidabdallah.yoo7.com
 
الوقف على المكتبات في الحضارة الإسلامية .. الأندلس نموذجا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الوقف من روائع الحضارة الإسلامية
» المكتبات في الحضارة الإسلامية
» الاقتصاد في الحضارة الإسلامية
» عباقرة الحضارة الإسلامية
» من مميزات الحضارة الإسلامية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
احرار الاسلام :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: تاريخنا :: مقالات تاريخية-
انتقل الى: