احرار الاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

احرار الاسلام

منتده اسلامى سياسي و اخبار عاجلة
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 المقاطعة المقاطعة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعيدعبدالله
Admin



عدد المساهمات : 1012
تاريخ التسجيل : 24/09/2012

المقاطعة المقاطعة  Empty
مُساهمةموضوع: المقاطعة المقاطعة    المقاطعة المقاطعة  Emptyالسبت سبتمبر 29, 2012 12:09 am

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
تعتبر المقاطعة الاقتصادية للمنتجات اليهودية, ومنتجات الدول التي تساند اليهود من الوسائل التي أثارت جدلاً واسعًا بين أوساط المسلمين, بل بين العلماء المسلمين أنفسهم! فالبعض يُؤَيِّد, والبعض يُعارض, ومن العلماء من يجعلها واجبًا, ومنهم على الطرف الآخر من يجعلها بدعة!

وواقع الأمر أن المقاطعة سلاح فعَّال ومؤثِّر, وقد آثرتُ أن أجعله مع واجبات عموم الأمة؛ لأن الجميع مطالب به, ويستوي في ذلك الأغنياء والفقراء, والرجال والنساء, والكبار والصغار.. إنه دور أمة تُريد أن تخرج من أزمتها, وأن تقف بصلابة في وجه عَدُوِّها.

وأعجبُ كثيرًا ممن يَصِفُ المقاطعة بأنها وسيلة غربية أجنبية؛ ولذلك فهم يعتبرونها بدعة! وإلى هؤلاء أقول: إن المقاطعة وسيلة من وسائل المقاومة والدفع, لها ضوابطها, فإن صَحَّتْ ضوابطها, وتناسقت مع الشرع فهي جائزة, وإن خالفت الضوابط الشرعية خرجت عن إطار الدين إلى غيره.

وليست البندقية بدعة إذا استُعْمِلَتْ في الدفاع عن النفس ورد الحقِّ, وترسيخ العدل, وهي بدعة لو استُخْدِمَتْ في الظلم والقهر والاستبداد, ولا نظر هنا إلى جِدَّة ابتكارها, وإلى عدم وجودها أيام رسول الله , إنما النظر إلى مجال استعمالها وطريقته.

وفوق ذلك فإنني أُحِبُّ أن أُطمئن المسلمين إلى أن المقاطعة وسيلة من الوسائل التي استُخْدِمَتْ في زمان رسول الله , وعرف بها رسولنا الأكرم , وأَقَرَّها, وهذا يجعلها سُنَّة من السنن الواردة عن الرسول , مع مراعاة الضوابط التي أخذ بها حينئذٍ.

ولستُ أعني بالمقاطعة التي حدثت أيام رسول الله ؛ المقاطعة الاقتصادية التي قام بها المشركون تجاه المسلمين عندما حُصِرَ المسلمون في شعب أبي طالب, فإن هذه المقاطعة كانت من أفعال المشركين, وكانت ظالمة وغير أخلاقية, إنما أقصد مقاطعة أخرى قام بها صحابي جليل, ووافق عليها رسول الله .

والقصة هي قصة ثمامة بن أُثَال [1]..

وكان ثمامة بن أثال من كبار تُجَّار الشعير في الجزيرة العربية, وكانت اليمامة من أكثر القبائل المستوردة للشعير؛ حيث تصعب جدًّا زراعة الشعير في الأراضي القاحلة بمكة وما حولها.. وهكذا كان ثمامة بن أثال من أكبر المورِّدين للشعير لمكة.

ولقد أسلم ثمامة بن أثال في العام السابع من الهجرة, وهي الفترة التي حدثت فيها الهدنة بين المسلمين والمشركين بعد صلح الحديبية, وذهب ثمامة بن أثال إلى مكة المكرمة لأداء العمرة, والتقى مع قادة قريش الكفار, ولمس بنفسه مدى الظلم الذي أوقعوه بالمسلمين, ومدى التجنِّي الذي حدث على شخص الرسول الكريم , فقرَّر ثمامة أن يمتنع عن البيع والشراء مع هذا الكيان المشرك, وقال بالحرف الواحد: "لا والله! لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة, حتى يأذن فيها النبي "[2].

فثمامة هنا يقوم بمقاطعة اقتصادية لمقاومة ظُلْمٍ وقع على المسلمين, ولقد سمع رسول الله بهذا الأمر ولم يعترض, وسكوته على هذا الأمر إقرار, والإقرار سُنَّة؛ فيُصبح فِعْل ثمامة بهذه الضوابط سُنَّة وقدوة للمسلمين.

ثم إن قريشًا أُجهدت جدًّا نتيجة هذه المقاطعة, وكادت أن تهلك, فأرسلتْ وفدًا إلى رسول الله يستعطفونه أن يأذن لثمامة بمعاودة البيع والشراء معهم, وكان مما قاله أبو سفيان للنبي في هذا اللقاء: ألست تزعم أنك بُعِثْتَ رحمة للعالمين؟ قال: "بَلَى". قال: فقد قتلتَ الآباء بالسيف, والأبناء بالجوع. فأنزل الله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: 76][3].

فعندها رحمهم رسول الله , وسمح لثمامة بمعاودة التجارة مع قريش.

وينبغي هنا الالتفات إلى عِدَّة أمور:

أولاً: أن الرسول لم يُرْسل إلى ثمامة يقول له: إن هذا الفعل لا يجوز. ولكنه من باب الرحمة رأف بحال المشركين.

ثانيًا: أن هذا السماح من رسول الله أتى في زمن الهدنة, وكان رسول الله حريصًا على كسب ودِّ القرشيين في هذه الفترة؛ لأن هذا أدعى إلى إسلامهم, بل وإسلام الجزيرة العربية؛ لذلك كان منه هذا الموقف النبيل, لكنه في الوقت ذاته لم يعترض على ثمامة ؛ ليظلَّ الحُكْم الشرعي واضحًا بجواز المقاطعة في هذه الظروف.

ثالثًا: أن المقاطعة أرغمت أنف قريش, حتى أتت –برغم خيلائها وكبرها- إلى رسول الله تطلب منه رفع هذه المقاطعة رحمة بها؛ ولذا فقد ثبتت هنا فعالية هذه الوسيلة المهمة.

رابعًا: امتنع ثمامة بن أثال عن التعامل بالبيع والشراء مع هذا الكيان المشرك الظالم, وهو حق من الحقوق يمكن لأي إنسان أن يمارسه, فهو يمتلك شيئًا سيبيعه إلى جهة, ولا يبيعه إلى أخرى, وبما أنه لم يتعرَّض بالاعتداء على قريش, فهو إذًا أمر مقبول عرفًا وشرعًا, ولمَّا جاءت قريش تتوسَّل إلى الرسول لم تَقُلْ: إن ثمامة خالف الأعراف. ولكنها ذكرتْ فقط مسألة الحالة الإنسانية الصعبة التي وصلت إليها مكة, ومن ثَمَّ فهي تخاطب عاطفة رسول الله لا قانونية المسألة.

خامسًا: لا شكَّ أن ثمامة قد تعرَّض لخسارة مادية جسيمة نتيجة هذه المقاطعة؛ لأنه تاجر, وقد امتنع عن البيع لأكبر القوى الشرائية في المنطقة, ومع ذلك فقد ضحَّى ثمامة بهذا الربح من أجل نصرة الإسلام, وهي رسالة إلى كل الاقتصاديين, بل إلى كل المسلمين؛ أنه لا مانع من خسارة اقتصادية في سبيل الانتصار على العدو.

والحرب بشكل عام –وإن كانت لها خسائر ومضارُّ كثيرة– إلا أنها في النهاية تُحَقِّق نوعًا من الفوائد لا يستغني عنها الناس, خاصة إذا كانت هذه الحرب عادلة لا شبهة فيها, ونحن بفضل الله نقاطع ونحارب من أجل قضية عادلة تمامًا, وأي شيء أعدل من تحرير الأرض المقدسة, وتطهير مسرى رسول الله , واستعادة ثالث الحرمين, وإرجاع المشرَّدِين إلى أوطانهم, وحماية الأرواح التي تُزهق صباح مساء, ورفع راية الإسلام على أرض إسلامية مغتصبة؟!

وينبغي لنا هنا أن نُشير أن هذه الخسارة التي نتجت عن المقاطعة لم تمرّ هكذا دون فوائد, فللمقاطعة فوائد جَمَّة تربو بكثير عن خسائرها؛ ولذا فنحن نطالب بها على الرغم من إدراكنا أن هناك خسائر ستحدث من جَرَّائها, ولعلَّ من أعظم فوائد المقاطعة أنها تحافظ على حالة يقظة شعورية عالية عند المسلم؛ فيتذكَّر دومًا عدُوَّه, ولا ينسى أبدًا القضية التي يقاطع من أجلها, خاصة إذا كانت المقاطعة تخصُّ شيئًا نتعامل معه كل يوم؛ فالاحتكاك به كبير..

ومن هنا فإن دوام المقاطعة يحافظ على دوام الاستنفار للأمة, كما أنه يُرَبِّي المسلمين على النخوة, وعلى الرفض للظلم, وعلى التضحية بمصالحهم ورغباتهم من أجل قضية عادلة, وهي قضية دين ونخوة وكرامة وحق وعدل؛ فالتضحية من أجلها أمر نبيل يزكي النفس ويطهرها, كما أن المقاطعة تُشعر العدوَّ بقوة المسلمين واتحادهم, وتُظْهِر مدى تمسُّكهم بحقهم, وهذا يفتُّ في عضده, ويُضْعِف من همَّته, ولا شكَّ أن الشركات الخاسرة ستمارس عند ذلك ضغوطًا على حكوماتها من أجل تغيير المواقف, وقد تقوم هذه الحكومات بما قامت به قريش من قبلُ؛ من طَلَبِ عودة العلاقات التجارية من موقف ضعفٍ لا من موقف قوة وضغط..

وبالإضافة إلى كل ما سبق فإن المقاطعة لها آثار سلبية لا تُنْكَر على العدو, والأرقام تؤيد ذلك دومًا, خاصة إذا شارك عموم المسلمين في هذه المقاطعة, وقد قدَّرت جامعة الدول العربية خسائر الكيان الصهيوني المتراكمة نتيجة المقاطعة العربية حتى نهاية عام 1999م بنحو 90 مليار دولار, منها 20 مليار دولار قيمة صادرات صهيونية مقدَّرة للعرب, و24 مليار دولار خسائر مباشرة وغير مباشرة جرَّاء مقاطعة الشركات العالمية[4].

وأنا أتوقَّع أن تصل الخسائر إلى أضعاف ذلك لو تكاتف المسلمون معًا في هذا الشأن, ومع هذا فأنا أؤكِّد أن الفوائد المعنوية والتربوية -بل والدينية الشرعية– أكثر بكثير من الفوائد الاقتصادية؛ ولهذا فلا داعي أن نحصر الكلام عن المقاطعة في مسألة جدواها من عدمها, خاصة عند التعامل مع شركات عملاقة متعددة الجنسية.

بعد هذه المقدمة يثبت لنا أن المقاطعة سلاح مهم جدًّا, وبالغ التأثير, ولا بد لعموم أمة الإسلام أن يشاركوا فيه, وعليهم لذلك في هذا الصدد هذه الأدوار:

نشر ثقافة المقاطعة في المجتمع :
أعتقد -والحمد لله- أن المقاطعة كفكرة أصبحت معروفة لدى معظم القطاعات الشعبية, خاصة بعد أحداث الانتفاضة الفلسطينية الثانية, والتي بدأت في سبتمبر سنة 2000م[5], ولكن تبقى المشكلة في عدم قناعة الكثيرين بجدواها, أو بفتورهم بعد حماسة, ولهذا فإن من ألزم أدوارنا في هذه المرحلة أن نُعيد تذكير الناس بهذا السلاح الفعال, وأن نذكر فوائده الجَمَّة, وأن نُكثر من الحديث عنه في محافلنا المختلفة, وأن نُرَبِّيَ أولادنا وأسرنا عليه, وأن نستهجن بأدب من يكسر هذه المقاطعة, ويخالف اتجاه الأمة في مقاومة عدُوِّها.

وأهم فترات نشر هذه الثقافة هي فترات الهدوء النسبي, الذي يقل فيه قصف اليهود للمدن الفلسطينية, أو يقلُّ عدد الشهداء؛ لأن حماسة الناس تقلُّ عند هذه الحالة, وينشغلون بحياتهم الدنيا, وهنا يُصبح التذكير بالمقاطعة واستمرارها من أهم أدوار المسلمين.

تنبيه الخطباء والدعاة على التذكير بالمقاطعة :
لعلَّ كلمة من خطيب في الجمعة, أو من داعية في محاضرة من المحاضرات تكون أبلغ من ألف كلمة في محافل صغيرة؛ ليس لأن الكلمة تُوَجَّه إلى عدد كبير في وقت واحد فقط, ولكن لأن مكانة الخطيب في قلوب الناس, ومركزه الديني يجعل كلماته أكثر نفاذًا إلى القلوب.

وكثيرًا ما أَسْعَدُ عندما يُذَكِّرُني أحد الإخوة أو الأخوات بأمر المقاطعة قبل محاضرة في مؤتمر, أو كلمة في ندوة, حتى لو كان موضوع المحاضرة مختلفًا؛ لأن الأمر قد يغيب عن ذهن الداعية, فإذا ذُكِّر به استطاع أن يُدرجه بشكل أو بآخر في محاضرته, فيتحقق النفع الكبير بذلك, ثم إن الخطيب أو الداعية لو جاءته توصية من أكثر من واحد بهذا الموضوع فإنه يعلم قيمته وأهميته, وبالتالي يتحمَّس له, ويشعر أنه يتكلم عن نبض الشارع, وهذا يعطيه حمية في التعبير تكون مؤثِّرَة -إن شاء الله- ولهذا فأنا أعتبر هذا من الأدوار المهمة لنا جميعًا, وهو أن نتقابل مع الخطيب أو الداعية, أو نتصل به, أو نُرسل إليه رسالة على المحمول أو الإنترنت نطلب منه تذكير الناس بجدوى المقاطعة وأهميتها.

التعريف بالضوابط الشرعية للمقاطعة :
لا بُدَّ أن يعرف المقاطعون أنهم لا يُقاطعون لمجرَّد الإيذاء, ولكن لاسترداد حقٍّ مسلوب, والدفاع عن حرمات منتهكة؛ ولهذا فالنية هنا مهمة جدًّا لتحويل هذا العمل الكبير إلى مصلحة دينية وحسنات, كما على المقاطعين أن يلتزموا بالضوابط الشرعية من حيث إن المقاطعة لا تعني التعرُّض بالتدمير لممتلكات الآخرين, فنحن فقط نلتزم بعدم الشراء, لكننا لا نُكَسِّر ولا نُخَرِّب, بل نتعامل بالأخلاق الإسلامية الرفيعة, إلى درجة أننا لا نتكلَّم بالألفاظ البذيئة الخارجة عن هذه الكيانات التي تساعد الصهاينة, ولكن نحفظ ألسنتنا, ولا نتكلم إلا بخير.

نشر الفتاوى الخاصة بالمقاطعة :
لكي تستريح قلوب المسلمين لا بُدَّ من نشر الفتاوى التي تجيز –بل تحضُّ– على قضية المقاطعة[6], خاصة إذا كان الذي أفتى شخصية معروفة, ولها ثقلها في الشارع الإسلامي, وقد يتعذَّر على أحد المسلمين معرفة الحكم أو دليله؛ لذا فنشر هذه الفتاوى من الأدوار المهمة في هذه المرحلة, وقد يكون هذا النشر عن طريق الكلام والشرح, أو يكون عن طريق المراسلة بالإيميل ونحوه, وكذلك يمكن تعليق هذه الفتاوى في المساجد والأندية والمدارس والجامعات والمراكز الشبابية, ومحطات المواصلات, وغير ذلك من أماكن تجمُّع الناس؛ بحيث تُصبح القضية واضحة في أذهان العموم.

التدرب على الردِّ على الشبهات :
الكثيرون يُثيرون الشبهات حول مسألة المقاطعة, وكل واحد من هؤلاء المشكِّكِينَ له دوافعه وأسبابه, وعليه فقد يختلف الردُّ على هذا أو ذاك, فمن هؤلاء الذين يُثِيرون الشبهات المستفيدون من التعامل مع الكيانات الصهيونية أو من يساندها, كأصحاب التوكيلات, أو حتى العاملين في هذه الشركات, والذين يتقاضون راتبًا قد لا يجدونه في الشركات الوطنية, ومنهم المسلمون الذين يجهلون فوائد المقاطعة, ومنهم الحاقدون الذين لا يُريدون نصرة لهذا الدين, ومنهم المهزومون نفسيًّا, والذين لا يشعرون بأمل في النصر, ولا تقوى نفوسهم على إكمال المسيرة, ومنهم المترفون الذين لا يستطيعون تغيير نمط حياتهم, ولا يتنازلون عن متعهم ووسائل سعادتهم, ومنهم المسلمون الذي يفترون بعد حماسة, ويتكاسلون بعد نشاط, مع علمهم بأهمية المقاطعة وضرورتها.

إن كل واحد من هؤلاء قد يُثير الشبهات أو يتأثَّر بها, وتختلف طريقة الردِّ على هؤلاء حسب دوافعه وخلفياته.

ولقد سبق أن أشرتُ إلى عدد كبير من الشبهات الخاصة بالمقاطعة في أحد كتبي السابقة[7], وهذا الكتاب موجود على موقعي بالإنترنت [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] ويمكن الرجوع إليه بالتفصيل, كما أنني أعتزم بإذن الله إخراج كتاب جديد, يتناول الموضوع بشكل أوسع, ويجيب على هذه التساؤلات أو الشبهات بشكل أشمل[8].

تنظيم ندوات عن المقاطعة :
ينبغي أن يتعاون المتحمِّسُون للمقاطعة على إقامة ندوة جماهيرية – ولو بشكل محدود – لمناقشة مسألة المقاطعة, وما يتعلَّق بها من أمور, ويمكن إقامة هذه الندوة في نادٍ, أو نقابة, أو مركز ثقافي, أو غير ذلك من التجمُّعَات, ويُدعى إلى هذه الندوة متخصِّصُون في الأمر, على أن يتنوَّع المحاضرون في المجالات, فبعضهم يتناول الجوانب الفقهية, وبعضهم يتناول الجوانب الاقتصادية, وآخرون يتناولون الجوانب السياسية, وهكذا.

وهذه الندوات فيها خير كثير؛ فالمحاضرون يُكمل بعضهم بعضًا, كما أن المسألة تَتَّضِح بصورة أكبر عند تلقِّي الأسئلة من الجمهور والإجابة عليها, وأذكر أنني دُعِيتُ ذات مرة لإلقاء محاضرة عن المقاطعة في الأردن, ورغم أنني كنت المحاضر إلا أنني استفدتُ كثيرًا جدًّا من تعليقات الجمهور وأسئلته, وعُدْتُ أكثر حماسة للمقاطعة, وأعمق فهمًا لها.

وينبغي هنا أن نُشير إلى أننا يمكن أن نعقد هذه الندوات على الإنترنت, أو من خلال اللقاءات المصوَّرة بالفيديو من خلال البثِّ المباشر, وبذلك يمكن أن نتغلَّب على مشكلة المكان, كما يمكن أن نُوَسِّع دائرة المستمعين, فتشمل الندوة بذلك عِدَّة دول في وقت واحد! وهذه من فضائل الاتصالات الحديثة, التي يجب أن نُفعِّلها في اتجاه الخير والمصلحة.

إعداد قوائم المقاطعة :
وهذه مهمة عظيمة جدًّا؛ لأن الكثير ممن يرغبون في المقاطعة لا يعلمون الشركات التي يجب أن نقاطعها, ومن ثَمَّ تُصبح كتابة مثل هذه القوائم وسيلة مهمة جدًّا في تثقيف الناس بالمعلومات السليمة, كما أنها تساعد على نشر الفكرة, والدعاية للمقاطعة.

ومن المفيد في هذه القوائم أن تحوي شعار الشركة أو المنتج "اللوجو"؛ لأن –للأسف الشديد– الكثير من أهل بلادنا لا يقرءون, فلعلَّ وجود شعار الشركة يُوَضِّح الأمر بالنسبة للأُمِّيِّينَ, كما أن الشعار يَثْبُت في الذهن, فيتذكَّر المسلم الشركات التي ينبغي أن نقاطعها.

وأودُّ هنا أن أؤكد على نقطتين:

أما النقطة الأولى: فهي أنه ينبغي التحرِّي الجيد قبل كتابة هذه القائمة؛ لأن الخطأ فيها قد يُوقع أضرارًا بإحدى الشركات دون وجه حقٍّ؛ ولذلك فنحن لا نكتب في هذه القائمة إلا مَنْ نتيقَّنُ من كونه مساعدًا للكيان الصهيوني, ولئن خلت القائمة من بعض الأسماء المساعدة أفضل من احتوائها على بعض الأسماء التي لا علاقة لها بالصهاينة.

وأما النقطة الثانية: فإنه ينبغي كتابة تاريخ تسجيل هذه القائمة بوضوح؛ حيث إن البعض يتبادلون قوائم قديمة, وقد تتغيَّر المعلومات في هذه القوائم, ومن ثَمَّ ينبغي توضيح التاريخ لنعلم مدى دقَّة هذه القائمة من عدمها.

أما توزيع هذه القائمة فيمكن أن يكون للأصحاب والمعارف, ويمكن أن يكون بشكل عامٍّ في الجامعات والمدارس والأندية وغيرها, ويمكن أن يكون بشكل أعمَّ وأكبر على صفحات الإنترنت.

تصميم شعارات لافتة للانتباه تحث على المقاطعة :
يمكن لأصحاب اللمحات الفنية, ومصممي الجرافيك أن يقوموا بتصميم شعار للمقاطعة, يلفت الانتباه, ويُثير الذهن, ويُحَمِّس الناس, وأحيانًا تكون الصورة أبلغ من ألف كلمة, ويمكن لمن لا يمتلك القدرات الفنية أن يُحَمِّس زميلاً له عنده القدرة على ذلك, بل إنه من الممكن أن نتواصل مع أحد مراكز التصميم الفني المحترفة, ونُصَمِّم عندها شعارًا بالثمن, ثم نأخذ هذه الشعارات, وننشرها في الأماكن المختلفة, ويمكن أن نضعها على الإنترنت بشكل يسهل طباعاتها بالألوان, فيمكن بذلك أن ينتشر الأمر في العالم كله.

إعداد قوائم بالمنتجات البديلة :
قد يضطر المسلم إلى عدم المقاطعة لعدم معرفته بالبديل المناسب, ولهذا فإعداد قوائم بالبديل الوطني أمر مهم جدًّا يُساعد في تفعيل سلاح المقاطعة, وهنا يجب لفت الانتباه إلى ما ذكرناه سابقًا من ضرورة التحرِّي جيدًا قبل كتابة أسماء البدائل, كما ينبغي أن نكتب بدائل كثيرة, ولا نكتفي ببديل واحد؛ حتى لا يتحوَّل الأمر إلى إعلان قد يُفيد جهة وطنية على حساب جهة وطنية أخرى, كما يجب أن نُثْبت تاريخ كتابة القائمة؛ حتى نعرف القديم من الحديث في هذه القوائم.

وهنا - أيضًا - أُحِبُّ أن أُشير إلى أنه أحيانًا لا يتوفر البديل الوطني, فعندها يمكن كتابة بديل أجنبي, ولكن من دولة لا تُساند الكيان الصهيوني بسفور؛ فهذا يكون أقلِّ ضررًا من التعامل مع الشركات الصهيونية, أو من يُساندها.

أما المنتجات التي لا يتوفَّر لها بديل أصلاً, فأنا أنصح بعدم إدراجها في قوائم المقاطعة من الأساس؛ لكي لا نُثير بلبلة بين الجمهور, على أن يحرص الاستثماريون المسلمون في تعويض هذا النقص بسرعة, وإلى أن يتمَّ هذا التعويض فإن المتعاملين مع هذا المنتج يأخذون حُكْم المضطر, شريطة أن يكون المنتج ضروريًّا كالدواء, وليس ترفيًّا كالمياه الغازية مثلاً!

الاهتمام بتصنيع البديل :
لعلَّ هذا من أبلغ وأهم ثمار المقاطعة, فالغاية في النهاية ليست الامتناع عن الشراء من العدو فقط, ولكن الاعتماد على النفس, والاكتفاء الذاتي؛ ولذلك فعلى رجال الاقتصاد الإسلامي أن يُفَكِّرُوا في المشروعات التي تُغْنِي الأُمَّة عن الاحتياج لأعدائها, حتى ولو في الأمور البسيطة, ولقد سَعِدْتُ جدًّا عندما التقيتُ مع مجموعة من الشباب, الذين استطاعوا أن يُصَمِّمُوا أجهزة لصناعة زيت الزيتون, وبدءوا يعتمدون على أنفسهم في ذلك دون استيراد لهذه الأجهزة, كما قابلتُ في فرنسا أحد المستثمرين المسلمين, الذين يُريدون إنشاء مصنعٍ للمياه الغازية يضع أمام المسلمين بديلاً للمنتجات العالمية, التي لا يقوى على مقاطعتها كثير من الناس.

وعلى المستوى البعيد, فإن الأمة ستشعر بنهضة كبيرة جدًّا إذا اتجه الاقتصاديون فيها هذا الاتجاه, وصار كل مسلم لا يهدف فقط إلى الربح, ولكن إلى سدِّ ثغرات الاقتصاد والصناعة في بلادنا, ولا شكَّ أن هذا سيُقَدِّم الأمة خطوات هائلة للأمام.

تبادل المقالات والعبارات المكتوبة عن المقاطعة :
يكتب الكثير من علماء المسلمين عن المقاطعة في أزمان مختلفة, وفي بلاد متعدِّدَة, فما أجمل أن نقوم بتَتَبُّع هذه المقالات, والقيام بتصويرها ونشرها بين أوساط المسلمين! ويمكن إعداد ملف خاصٍّ بهذا الأمر عند كل مسلم يجمع فيه هذه المقالات, ويُصَنِّفها حسب التخصُّص, فهذا يُناقش بُعْدًا اقتصاديًّا, وذاك يُواصل ناحية شرعية, وثالث يتكلَّم عن تجربة ناجحة للمقاطعة, وهكذا, ويمكن بعد ذلك أن يتبادل المسلمون هذه المقالات, وأن ينشروها في مواقع الإنترنت لتَعُمَّ الفائدة.

ومن الممكن أن يتطوَّر الأمر بعد ذلك إلى تلخيص المقالة إلى نقاط قليلة مُحَدَّدة ليسهل نشرها, ويمكن أن نتبادل الأفكار الرئيسة فيها, أو العبارات المؤثِّرة في المقالة؛ مما يؤدِّي إلى شيوع الفكرة وانتشارها, ويمكن استخدام رسائل المحمول في ذلك, أو الكتابة على اللوحات المختلفة في المدارس والجامعات, وغير ذلك من تجمعات.

ومن أمثلة هذه العبارات التي من الممكن أن نتبادلها:

- المقاطعة سلاح فعَّال.

- المقاطعة من أهم وسائل المقاومة.

- بالمقاطعة تنصر إخوانك في فلسطين.

- حمل كتاب المقاطعة: [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]



إنشاء مواقع على الإنترنت للمقاطعة :
تُعَدُّ شبكة الإنترنت من أهم الوسائل التي يمكن أن تُفعَّل لتحريك المقاطعة, وتحميس الناس على القيام بها, ويمكن للشباب المتميز أن يتعاون مع بعضه البعض لإنشاء موقع متخصِّص في موضوع المقاطعة, يتناول المقاطعة من كل جوانبها, ويتولَّى تحديث قوائم المقاطعة, وذِكْرَ نجاحاتها, والإعلان عن البدائل, واستكتاب كبار العلماء والدعاة في هذا الأمر, وإرسال الرسائل البريدية بهذا الخصوص, والردَّ على الشبهات, وتلقي الأفكار الجديدة, ونشر الفكرة عالميًّا.

ويمكن ترجمة هذا الموقع إلى عِدَّة لغات, ويمكن أن يكون له منتدى خاصٍّ به, كما يمكن أن يتعاون مع المواقع الشبيهة والمماثلة, سواء إسلاميًّا أو عالميًّا.

ومن أمثلة هذه المواقع موقع "قاطع", وموقع شبكة المقاطعة الشعبية, وموقع حملة المقاطعة الواجبة.

كما يمكن إنشاء صفحة مستقلة عن المقاطعة في داخل أحد المواقع المهتمة بقضايا الأمة عامة, أو بالشأن الفلسطيني بوجه خاصٍّ؛ مثل صفحة المقاطعة على موقع صيد الفوائد.

المقاطعة المتخصصة :
هناك بعض المنتجات التي ينبغي أن تُقاطَع, ومع ذلك فهذا لا يهم عامة الناس بشكل مباشر؛ لأنهم لا يتعاملون مع هذا المنتج أبدًا.. ومثال ذلك في مجال الأدوية؛ فعامة الناس لا يعرفون الأدوية ولا شركاتها, وبالتالي فليس هناك معنًى لطباعة أسماء الأدوية التي ينبغي مقاطعتها وتوزيعها على العامة, إنما المطلوب هنا هو إعداد هذه القائمة, مع الأدوية البديلة لها, مع أسماء الشركات المتعاملة في الأجهزة الطبية, وكذلك المستلزمات الطبية, ثم توزيع هذه القوائم على الأطباء والصيادلة والمستشفيات والأماكن التي لها علاقة بالدواء.

ومثل هذا الأمر ينبغي عمل قوائم توزيع للزراعيين, وقوائم أخرى للتجاريين, وقوائم ثالثة للمهندسين, وهكذا.

إن هذا الأمر سيلفت الأنظار إلى شركات كبيرة صهيونية, أو تساعد الصهاينة لا يعرفها عموم الناس, كما أنها ستؤتي ثمارًا أكثر فاعلية؛ لأنها تذهب إلى المستخدم الرئيس للمنتج, وليس إلى عامة الناس.

متابعة تطوُّرات السوق والإعلان عنها :
يحدث كثيرًا في عالم التجارة الآن أن تقوم شركة كبرى بشراء شركة أخرى بشكل كامل, أو تشتري أحد خطوط الإنتاج في شركة ما, وبهذا فقد تتحوَّل شركة من كونها مدرجة في قوائم المقاطعة إلى شركة بديلة عن شركات المقاطعة, أو العكس..

ومن هنا فينبغي متابعة هذه التطورات, والتحديث الدائم لقائمة المنتجات التي تقاطع, وكذلك البدائل, وينبغي التأكيد مرَّة أخرى على ضرورة كتابة تاريخ كل قائمة من قوائم هذه المنتجات لنعرف القديم والحديث.

وإذا ما تمَّ التيقُّن من بيع شركة أو خطِّ إنتاج فإنه ينبغي عمل حملة لتعريف الجمهور بالجديد, مستخدمين في ذلك التليفونات والإنترنت والملصقات, وغير ذلك من وسائل التعريف.

الإعلان عن صور نجاح المقاطعة :
مما يدفع الناس إلى العمل, ويرفع من همَّتهم رؤية ثمار العمل المبذول؛ ولذا فإن من أهم أدوارنا الإعلان عن صور النجاح المختلفة التي تحققها المقاطعة في أي مكان من دول العالم.

فمن هذه الصور -مثلاً- الإعلان عن خسائر معينة تحققت في إحدى الشركات العالمية نتيجة المقاطعة.

ومنها: الإعلان عن انخفاض عدد الزائرين لأحد المطاعم أو المحلات, من عدد كذا إلى كذا, ولا ننسى أن ذكر الأرقام مؤثِّر جدًّا في الإقناع.

ومنها: التعليق على انسحاب شركة من الشركات من السوق.

ومنها: اضطرار شركة إلى بيع أصولها, أو أحد خطوط إنتاجها.

ومنها: زيادة معدَّل الإعلانات التسويقية لشركة من الشركات لمجابهة آثار المقاطعة.

ومنها: الاستبيانات التي تُوَضِّح المقاطعين من الشعوب الإسلامية, وتزايد عددهم.

ومنها: القصص الواقعية لبعض من أفراد الأمة الإسلامية, الذين تركوا وظائفهم في الشركات المقاطَعَة, واتجهوا إلى الشركات الوطنية.

ومنها: التصريحات الرسمية لرؤساء مجالس الإدارة والمديرين في الشركات المقاطَعة, والتي تُعَبِّر عن الأثر السلبي للمقاطعة.

ومنها: الأرباح التي تُحَقِّقُها الشركات الوطنية, التي تمَّ التعامل معها بشكل أكبر بعد المقاطعة.

ومنها: إبراز ردود الأفعال السياسية لبعض الدول من جَرَّاء المقاطعة.

ومنها: زيادة عدد زُوَّار المواقع التي تتبنى المقاطعة من كذا إلى كذا.

وصور النجاح كثيرة ولا يمكن حصرها هنا, ولكننا نلفتُ الأنظار إلى أهمية هذا الأمر, والذي يؤدِّي إلى استمرر المقاطعة دون فتور أو كسل.

فضح الشركات الداعمة للكيان الصهيوني :
هناك بعض الشركات العالمية –سواء في أمريكا أو في أوربا– لا تكتفي بكونها شركة من دولة تُساند الصهاينة, بل تُعلن بوضوح أنها كشركة تُساند الكيان الصهيوني بوضوح؛ فمنها مَنْ يُعلن أنه يتبرَّع بنسبة مُعَيَّنة من أرباحه إلى الكيان الصهيوني, ومنها مَنْ يُعلن عن التبرُّع برقم مُعَيَّن كبير, ومنها مَنْ يُعْلِن أن دخل يوم السبت أو نحوه سيكون مخصَّصًا للكيان الصهيوني, وهكذا.

ونشر مثل هذه الأخبار يلفت الأنظار إلى هذه الشركات الخبيثة, التي تُرَسِّخ الاحتلال وتُثَبِّتُه, كما أنه يرفع الحميَّة في قلوب المسلمين, عندما يرون هذا الاستفزاز المعْلَن, والتحدِّي الصريح, وبالتالي تُصبح المقاطعة ردَّ فعل طبيعيٍّ لهذه الأخبار.

دراسة التجارب الأجنبية :
من المفيد جدًّا أن نستفيد من تجارب الإنسانية في موضوع المقاطعة, وأن ندرس بعمق هذا التراث المهم؛ مثل تجربة المقاطعة التي دعا إليها ونَفَّذَها غاندي[9] ضد الشركات الإنجليزية, التي أجبرت الاحتلال البريطاني في النهاية على مغادرة الهند[10], ومن التجارب المفيدة أيضًا مقاطعة السود في الولايات المتحدة الأمريكية لوسائل المواصلات والمطاعم التي يملكها البيض, وكانت خطوة جيدة قَلَّلَتْ من التفرقة العنصرية هناك[11].

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://saidabdallah.yoo7.com
 
المقاطعة المقاطعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
احرار الاسلام :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: فلسطين :: واجبنا تجاه فلسطين-
انتقل الى: