[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
فتوى السعدي في طلب الصلح[1]
قال الشيخ طارق بن محمدٍ السَّعديُّ: " السِّلْمُ الْجَائِزُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
الضَّرب الأوَّل: هدنةٌ وتسمَّى: صلحٌ وموادعةٌ ومعاهدةٌ ومسالمةٌ, وهي مصالحة أهل الحرب على ترك القتال مدَّةً معيَّنةً, كصلح الحديبيَّة.
وهي إمَّا أن تكون بطلبٍ من الأعداء فيجب على الإمام الاستجابة لهم على أن لا يزيد أَجَلُها عن أربعة أشهرٍ, وإمَّا أن تكون بطلبٍ من المسلمين؛ فظاهر الآية يدلُّ على النَّهي, لكن تقرَّر بعد الجمع بين النُّصوص الواردة: جواز طلب الصُّلح عند ظهور المصلحة فيه وترجيحها.
وبهذا يتبيَّن أنَّ السِّلم بمعنى مصالحة أهل الحرب على ترك القتال أبدًا حرامٌ وباطلٌ, وأقبح منه أن يكون ذلك على حساب حقٍّ شرعيٍّ, كمسامحتهم بأرضٍ من بلاد المسلمين, وهو ما نراه من بعض فجرة السَّلاطين في مصالحة اليهود, بناءً على الاعتراف بكيانهم الغاصب في فلسطين المباركة, حتَّى إنهم يستبيحون حرمات المسلمين حفاظًا على ودِّ هؤلاء الملعونين! فتبَّت يدا من بادر إلى هذا الظُّلم العظيم وعَمِلَ به؛ فإنَّه لا عذر لحاشية هؤلاء السَّلاطين في موافقتهم وطاعتهم؛ إذ لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.
الضَّرب الثَّاني: استئمانٌ, وهو إعطاء مسلمٍ الأمان لفردٍ من أهل الحرب قد طلبه منه, قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6]". اهـ.
فصل في إجابتهم إلى صلح فيه حظ الإسلام :
قال الله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [الأنفال: 61].
قال الشَّيخ طارق بن محمدٍ السَّعديُّ: "من خلال هذا النَّصِّ والَّذي تقدَّم مع ما ورد في هذا الباب ثبت ما قدَّمته من حكم الصُّلح, وهو ما أراده الشَّيخ في تبويبه, لكنَّ الفجرة وقفوا على هذه الآية الكريمة وحرَّفوا معناها؛ لإثبات بدعة الصُّلح الَّتي ذكرتها قبل, وترك الجهاد مخالفةً لحكم الله تعالى, وتضييعًا لبلاد المسلمين وحقوقهم"[2].
[1] ورد في هامش كتاب أحكام الجهاد وفضائله: فصلٌ في أنَّا لا نطلب الصُّلح, عز الدين بن عبد السلام: أحكام الجهاد وفضائله, مكتبة دار الوفاء للنشر والتوزيع, جدة, الطبعة الأولى 1406-1986م, ص107.
[2] عز الدين بن عبد السلام: أحكام الجهاد وفضائله 1/108.