[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
المشهد المروع الذي يراه العالم هذه الأيام والمتمثل في دبابات تحاصر مدنًا وتدكها بنسائها وأطفالها شيوخها ورجالها، وطائرات الهليوكوبتر وهي تتبختر فوق السكان آمنة من عدم امتلاكهم أي مضادات تتعامل معها، وتقوم بقصف المساجد والمدارس والبيوت وتدكها على رءوس من فيها، والطائرات الحربية ثابتة الجناح التي تقوم بطلعات متتالية تزمجر في السماء على ارتفاعات منخفضة لتصبب الحمم على البيوت والكائنات، ومنصات الصواريخ وهي منصوبة باتجاه المدن..!!
هذا المشهد الرهيب لم يره العالم خلال السنوات الأخيرة إلا مرتين: مرة في قطاع غزة التي حاصرها جيش الصهاينة وفعلوا فيها كل ما حواه ذلك المشهد المذكور، وجيش بشار الأسد في مدينة حلب ثاني أكبر المدن السورية، والذي يرتكب مذابح وجرائم ضد الإنسانية من خلال استباحة شعبه في مشهد أسطوري ممتد منذ أشهر، والمثير للشفقة والاشمئزاز أن إعلام المجرم الدموي بشار يتحدث عن هذا الحصار للمدينة والحملة المروعة بالطائرات والدبابات والصواريخ والمروحيات بأنها "أم المعارك"، وهو تعبير يكشف عن عمق الهوَّة التي تفصل بين هذا الرجل والشعب الذي ابتلي به هو وأبوه من قبله..
فأبوه حافظ الأسد نصب الصواريخ والدبابات حول مدينة حماة قبل حوالي ثلاثين عامًا، وحوَّلها إلى ركام وأطلال، وقتل فيها قرابة عشرين ألف مواطن سوري!! ونجله الآن يعيد الكرة مرة أخرى، وأباد من الشعب السوري حتى الآن تسعة عشر ألف رجل وطفل وامرأة، وهو يتباهى أمام العالم بأنه يواصل قتل شعبه ويخوض ضده "أم المعارك"!!
لعل بعض السُّذّج يتساءلون عن "أم المعارك" لنظام ادّعى طويلاً أنه رمز للمقاومة والممانعة ضد الصهاينة، ألم تكن أم المعارك المفترضة مع العدو الصهيوني، الذي لم يطلق بشار الأسد طلقة "طبنجة" واحدة تجاهه منذ توليه السلطة ولو عن طريق الخطأ، رغم كل ما فعله الصهاينة في لبنان وغزة، وفي سوريا نفسها حيث قصفوا المنشآت وتبختر طيرانهم فوق الأراضي السورية، فابتلع "الغضنفر" لسانه، وابتلع الهوان والذل؟!
أمّا في مواجهة شعبه الثائر والباحث عن الحرية والكرامة والديمقراطية ودولة القانون والعدل والآدمية للبشر، فقد تحوّل إلى "أسد" هصور يستخدم كل ما لديه من ترسانة أسلحة ثقيلة وصواريخ وطائرات، وهو مدرك أن شعبه لا يملك سلاحًا حقيقيًّا ثقيلاً، ولو كان الثوار يمتلكون الأسلحة المضادة للطائرات أو الصواريخ لأنهوا المواجهة مع هذا الطاغية الصغير قبل عام كامل من الآن، هو يعرف أن العالم يتفرج على مذابحه، ويعرف أن هناك تواطؤًا أمريكيًّا روسيًّا إيرانيًّا لإقامة إمارة طائفية صغيرة له على الساحل السوري كجزء من مخطط لـ"تقسيم سوريا"..
ويعرف أن الثوار السوريين يرفضون أي مشروع من هذا القبيل؛ لذلك لا يصلهم السلاح إلا من تبرعات مواطنين عرب في مختلف أنحاء العالم، تحاول أن توصِّل للثوار شيئًا من السلاح البسيط الذي يدفعون به عن أنفسهم هذا الوباء، وما ينضم إليهم من شرفاء قادة جيش النظام الذين أبت ضمائرهم أن يكونوا قتلة لشعبهم، ولا يفعل العالم "الإنساني" سوى مهاترات في مجلس الأمن، وتحجّج بأن هذه الدولة أو تلك تستخدم الفيتو، في حين استباحوا قبل ذلك بلادًا ودولاً وشعوبًا بلا مجلس أمن ولا فيتو!!
يعرف بشار الأسد أن الشعوب لا تُهزم، وأن ثورات الشعوب إذا دفعت ضريبة الدم فهي منصورة بإذن الله، وأنه سيهزم حتمًا طال الوقت أو قصر، وأنه لن يحكم سوريا بعد اليوم أبدًا، يعرف ذلك والعالم كله يعرف ذلك، ويعرف أن الثورة ستقتلع نظامه وستعيد بناء سوريا الحضارة والتاريخ والمدنية والحرية والأمل من جديد.. يعرف ذلك بشار، ولكنه يريد أن يقول للجميع إنه لن يتركها إلا ركامًا وخرابًا، ومن الواضح أن هذا الإجرام والتفكير يلاقي ترحيبًا غير مُعلَن من دول عديدة في المنطقة وفيما وراء البحار.
المصدر: صحيفة المصريون.