احرار الاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

احرار الاسلام

منتده اسلامى سياسي و اخبار عاجلة
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 حمص .. وكفى !!!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعيدعبدالله
Admin



عدد المساهمات : 1012
تاريخ التسجيل : 24/09/2012

حمص .. وكفى !!!  Empty
مُساهمةموضوع: حمص .. وكفى !!!    حمص .. وكفى !!!  Emptyالسبت سبتمبر 29, 2012 12:59 pm

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
كيف يمكن لسورية أن تفي مدينة حمص جزءًا صغيرًا من حقِّها في يومٍ من الأيام؟ أي سرٍّ سرمدي كانت تُخفيه حمص وأهلها عن الدنيا بأسرها قبل اشتعال الثورة السورية؟ أي هواءٍ يتنفَّسه أهل هذه المدينة؟ أي طعامٍ يأكلون؟ وأي نوعٍ من الماء يشربون؟

تبدو الأسئلة بلهاء، وتشعرُ بذلك وأنت تكتبُها. لكنك تكتبها في جميع الأحوال؛ لأنك تحاول تفسير مدينةٍ / ظاهرة أصبح اسمها حمص.

قد لا يكون في الأمر مخاطرةٌ إذا تحدَّى المرء جهابذة العلوم الاجتماعية بأسرهم على تفسير هذه الظاهرة بأي طريقةٍ، ومن أي مدخلٍ من المداخل. فليعودوا إلى كل نظرياتهم ومدارسهم ومناهجهم لمحاولة فهم الظاهرة. سيعودون يقينًا خائبين. وسيبقى إلى زمنٍ قادمٍ أمرًا أقرب للمستحيل أن نفهم كيف تحوَّلت حمص من مدينةٍ وادعةٍ، كادت أن تكون هامشيةً في يومٍ من الأيام، لتصبح اليوم عاصمة الثورة السورية دون منازع. بل إن ما جرى ويجري في هذه المدينة يجب أن يفتح بعد الآن أبوابًا جديدة للدراسة والتحليل في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية لم تخطر ببال أحدٍ من قبل.

سأستعير فقرة وردت على صفحة الثورة السورية لا أعرف كاتبها وتتحدث عن إنسان حمص على الشكل التالي: "رأيته يمشي وكأن الأرض تتنافس على موطئ قدمه. ثبات في القامة، وثقة في الخطوات. نضرة في الوجه هي للنور أقرب من مخايل الدلال. تساءلت في نفسي ما سر هذه الهامة المرفوعة؟!! وهذه الهيبة المهيبة؟!! لا شك أن الذهب قد شدَّ من عوده، وأن الجاه قد علَّمه مشية الملوك. اقتربت منه وفي نيتي السؤال عما يشبع فضولي، سلَّمت عليه، فردَّ التحية بأحسن منها، وأخذ بيدي يصافحني. ليست هذه يد من تربى بين الخدور في القصور، بل يد من نحت الدنيا وصارعها، حكمها ثم اعتصرها فأخرج منها قوت يومه وثمن عزته..

زاد فيَّ الفضول حتى قطع منابت الكلام مني، فلما لاحظ ارتباكي أخرجني من صمتي بدعوته للنزول في بيته، فقد تفرس أنني غريب وظن أنني أبغي السؤال عن طريق. فقلت له: وأين بيتك أخي؟ أجابني وابتسامة محزونة ارتسمت على شفتيه: كان لي بيت في بابا عمرو، ولكنه قُصف، إلا أن بيوت حمص الآن كلها بيتي. مرت بي لحظات من الصمت والخشوع لا أدري مقدارها، ولكن أعرف جيدًا أثرها. فقد رسمت أخدودًا في مخيلتي وذاكرتي، ولم يعد هناك داعٍ لأسئلتي، فقد عرفت السر وزال عني تعجبي.. هو من منابت بابا عمرو".

أخجل بكل ما في طاقتي من خجلٍ إنساني أنني لم أكن أعرف إلى قيام الثورة بابا عمرو.. يقتلني الخجل كسوريٍّ أنني لم أكن أعرف باب السباع والخالدية والقصور وتلبيسة وجورة الشياح وباب الدريب والقصير ودير بعلبة وغيرها وغيرها من أحياء حمص وضواحيها.. وأحلم بيومٍ قريبٍ أزور فيه كل منطقةٍ وكل شبرٍ في حمص؛ لأُقبِّلَ جباه أهلها وأياديهم على ما قدَّموه للثورة السورية.

فحمص اليوم تقدِّم نفسها فداءً لهذه الثورة بكل ما فيها من قدرةٍ على العطاء، وتهبُ نفسها بكل وضوحٍ وإصرار قربانًا لتلك الثورة.

كان يمكن لـ"حمص" أن تهدأ لتتنفس، لكنها لم تفعل. كان يمكن لها أن تأخذ قسطًا من الراحة بعد أن فعل مغول العصر بها ما فعلوه، ولم يكن ليخطر في بال سوريٍ أن يؤاخذها من قريبٍ أو بعيد. لكنها أصرَّت ولا تزال على أن تكون الجبهة الأولى والصف الأول من جبهات الثورة وصفوفها.

حمص اليوم بإنسانها ظاهرةٌ فريدةٌ في التاريخ العربي المعاصر على الأقل. وهي في صمودها وبطولتها وعزيمتها وإصرارها تكتب تاريخًا جديدًا عن كمونٍ إنساني هائل، نسي البشر في هذا الزمن إمكانية وجوده في هذا المخلوق العجيب.

حمص اليوم تختصر ببساطةٍ تكاد تكون مخيفة قصة الإنسان على هذه الأرض. فأحداثها تُظهر من جانب درجةً من الانحطاط الأخلاقي يمكن أن يصل إليها الإنسان، تجعله أسوأ بكثير من الحيوان. ذلك أن حجم الحقد المصبوب على هذه المدينة لا يمكن أن يصدر عن مخلوقٍ ينتمي للإنسانية من قريبٍ أو بعيد. لكن الأحداث نفسها تبين درجةً أخرى من السموِّ والنبل يمكن أيضًا للإنسان أن يصل إليها، ويكون معها أقرب إلى الملائكة.

لا نريد أن نبخس أحدًا حقه، فسورية مليئة بالأبطال اليوم في كل مكان. ولسنا هنا في مقام التأكيد على الدور الكبير لدرعا وحماة وإدلب ودير الزور وغيرها من مدن سورية ومناطقها في الثورة السورية. ولا نعتقد بأي حالٍ من الأحوال أن سوريًّا يعشق وطنه وثورته يمكن أن يفكر اليوم بأننا نُفضِّل مدينةً على أخرى في مجال عطائها للثورة. يكفيني في هذا المجال أن أرى صورة شابٍ خرج في مظاهرة يوم الجمعة وهو يحمل لافتةً كتبَ عليها "أنا كردي من عامودا وأعشق حمص".. لأتجاوز كل الاعتبارات الدبلوماسية التي قد يفكِّر البعض بها في هذا المقام.

منذ أكثر من أربعة عقود، كتب نزار قباني أبياتًا قال فيها: "وقبرُ خالد في حمصٍ نُلامسهُ فيرجف القبر من زُوَّاره غضبًا.. يا رُبَّ حيٍّ رخام القبر مسكنه.. وربَّ مَيِّتٍ على أقدامه انتصبَ". كان ذلك في زمن الهزيمة والانكسار ووسط أجوائها الكئيبة المسكونة بالذل والعار. ليت نزار كان حيًّا اليوم ليرى كيف تفوح من قبر خالد رائحة الفخر والعزة والكرامة! ليته كان موجودًا فيرى كيف عادت الحياة في أروع معانيها تدبُّ في أحفاد ابن الوليد، وكيف باتوا يُسطِّرون ملامح في التضحية والعطاء والفداء لم يشهد التاريخ المعاصر لها مثيلاً!!

لن يرجف قبر خالد من زواره غضبًا بعد اليوم يا نزار. وأبطال حمص المنتصبون بقاماتهم العالية يقهرون الخوف والمستحيل، ويرتفعون بها إلى عنان السماء بشكلٍ يفخر به ساكن القبر، كما لم يفخر من قبل على مدى قرون.

المصدر: صحيفة المدينة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://saidabdallah.yoo7.com
 
حمص .. وكفى !!!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
احرار الاسلام :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: ملفات ساخنة :: ثورة سوريا-
انتقل الى: