[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
خاضت مصر حكومة وحزبًا حاكمًا ومعارضة ومجتمعًا، اختبارًا سياسيًّا مهمًّا، يوم الأحد 28 نوفمبر2010م حين توجه الناخبون لصناديق الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس الشعب الجديد..
وتكتسب هذه الانتخابات أهمية خاصة؛ لأنها تمت في التوقيت الذي تحتاج فيه مصر بشدة لبرلمان قوي يحظى بدعم شعبي؛ عساه أن يعمل على علاج التدهور الذي تعانيه مصر في كافة القطاعات، ليس على المستوى الداخلي فقط بل على المستوى الخارجي، وخاصة في القضايا التي تمس أمنها القومي بشكل رئيس، مثل مشكلة تقسيم السودان وأزمة حصة مصر من مياه النيل التي اشتعلت مع دول حوض النيل، إلى جانب الدور المصري في حل القضية الفلسطينية لتأمين حدودها الشمالية الشرقية!!
إلى جانب ما شهدته مصر في الأشهر الأخيرة من عام2010م على المستوى الداخلي من إغلاق وزارة الإعلام المصرية للعديد من القنوات الفضائية -غالبيتها دينية- وإنذارها لأخرى، ومنعها لبرامج سياسية تحظى بجماهيرية واسعة بين أبناء الشعب المصري، إلى جانب اتهام النظام الحاكم بتحريض مالك صحيفة الدستور المصرية لإقالة أحد أبرز الصحفيين المصريين المعارضين، وأعلاهم صوتًا في مهاجمة رموز النظام المصري.
إضافة إلى ما كشفه مقياس الحكم الجيد للبنك الدولي بأن قدرة مصر للسيطرة على الفساد انهارت إلى معدل يتراوح بين 30 و48%، فضلاً عن نتائج البحث الميداني الذي أجراه مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في عام 2009م، التي أشارت إلى أن 90% من أفراد عينة المسح اعتبروا دفع الرشوة في مصر أمرًا مألوفًا يقوم به الجميع، وذكر 56% من أفراد العينة أن الموظف العام طلب منهم الرشوة مباشرة، بينما ذكر 70% منهم أنهم اضطروا لدفع الرشوة من أجل سرعة إنجاز أعمالهم[1]!!
إلى جانب شكوى عموم المصريين ومعاناتهم من غلاء الأسعار وضعف الأجور وارتفاع معدلات البطالة، فضلاً عن التزايد الملحوظ في حالات الانتحار بين المصريين، الأمر الذي أوشك أن يصبح ظاهرة؛ وذلك بحسب ما أوضحت دراسة أجراها مركز المعلومات التابع لرئاسة الوزراء عن معدلات الانتحار في السنوات الأربع الماضية؛ ففي عام 2005م بلغ معدل الانتحار حوالي 1160 حالة، تضاعفت في عام 2006م لتصبح 2335 حالة انتحار، وتواصل الارتفاع في عام 2007م لتصل إلى 3700 حالة، ثم إلى 4200 حالة انتحار في عام 2008م، وأخيرًا وصلت في عام 2009م إلى 5000 حالة انتحار[2]!!
كل هذه العوامل -وغيرها الكثير- جعلت عموم الناس تنظر إلى الانتخابات البرلمانية على أنها "المخرج" لتغيير سِلمي يأتي بمن يصلح هذه الأوضاع لتكون بمنزلة نقطة انطلاق نحو إصلاح حقيقي، يعيد مصر إلى مكانتها التي تستحقها بين الأمم المتقدمة..
لكن -وللأسف الشديد- رسب النظام المصري وحكومته بجدارة في الاختبار، ولم يستطع الارتقاء بمستوى العملية الانتخابية إلى ما كان مرجوًّا!!
فماذا حدث في هذه الانتخابات التي لا تليق يقينًا باسم أو مكانة مصر؟!
بداية وقبل أن نجيب على هذا السؤال، نود أن نشير في عجالة إلى النظام الانتخابي للبرلمان المصري..
قُسِّمت الدوائر الانتخابية في مصر إلى 222 دائرة، ويمثل كل دائرة نائبان اثنان، ويبلغ عدد مقاعد مجلس الشعب المصري 518 مقعدًا، عدد المقاعد المطروحة للتنافس 508 مقاعد، بينما يبقى عشرة مقاعد يعينهم رئيس الجمهورية.
أمَّا عن هذه الانتخابات، فقد كانت أبرز الأحزاب والقوى المشاركة:
- الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بـ 770 مرشحًا.
- حزب الوفد 209، منهم 26 سيدة.
- حزب التجمع 78 مرشحًا.
- جماعة الإخوان المسلمين 138 مرشحًا، منهم 13 سيدة.
بينما كانت أبرز الأحزاب والقوى التي قررت مقاطعة الانتخابات هي:
- حزب الغد (جبهة أيمن نور).
- حزب الجبهة الديمقراطية.
- الحركة المصرية للتغيير (كفاية).
وقد تنافس في هذه الانتخابات 5058 مرشحًا من الأحزاب السياسية والمستقلين على الـ508 مقاعد، بينهم 64 مقعدًا مخصصة للمرأة، وتتنافس عليها 378 امرأة.
هذا عن النظام الانتخابي والأحزاب والقوى السياسية التي قررت المشاركة وتلك التي قاطعت، أمَّا عن ما جرى في يوم الانتخابات من مهازل فهذا موضوع آخر، وفضيحة بكل المقاييس!!
ماذا جرى في يوم الانتخابات ؟
ما إن بدأ اليوم الانتخابي -إذا صح أن نسمِّيه يومًا انتخابيًّا- إلا وانهالت التقارير الصحفية والإعلامية التي ضجّت بالشكاوى من المخالفات والتجاوزات التي بدأت مع بدء العملية الانتخابية، مثل استخدام البلطجية لتخويف ومنع الناخبين من الاقتراب من لجان التصويت، وكذلك عدم السماح ببدء العملية الانتخابية في بعض اللجان من قِبَل قوات الشرطة!!
وهذا يعود لما أعطاه القانون من صلاحيات واسعة لوزارة الداخلية تسببت في الحد من صلاحيات اللجنة العليا للانتخابات، وحَرَم الأخيرة من دورها الأساسي في الإشراف على العملية الانتخابية وإدارتها من البداية إلى النهاية، مثل الإشراف على القيد في الجداول الانتخابية، والإعلان عن مواعيد الانتخابات، وفتح باب الترشيح، وتحديد الدوائر الانتخابية، كما حرمها من آليات واضحة تمكنها من تنفيذ قراراتها، وفي تعيين الموظفين القائمين على إدارة العملية الانتخابية، الأمر الذي أدى إلى هيمنة وزارة الداخلية على إدارة العملية الانتخابية.
فإذا أضفنا تجاهل الرئيس المصري حسني مبارك لمطالب المعارضة بتقديم ضمانات لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وإصداره قبيل الانتخابات لقرار جمهوري بقانون مباشرة الحقوق السياسية خلا من أي إشارة فيه إلى زيادة الإشراف القضائي على الانتخابات؛ حيث ألغت الحكومة المصرية في عام 2007م تعديلات دستورية تقضي بالإشراف القضائي الكامل على الانتخابات المصرية، وقصرته على 254 لجنة عامة فقط في كافة أنحاء الجمهورية المصرية، بعدما كان الإشراف القضائي في عام 2005م يمتد لأكثر من 50 ألف لجنة عامة وفرعية!!
وذلك فضلاً عن إشاعة مناخ التخويف غير المسبوق الذي خلقته السلطات داخل وسائل الإعلام (المقروءة والمرئية) وخاصة المستقلة منها، والحملة العنيفة المتصاعدة التي قامت بها للتضييق على الحقّ في التجمُّع السلمي والمشاركة السياسية، وقصر فترة الدعاية الانتخابية عمليًّا على أسبوع واحد فقط قبل بدء العملية الانتخابية، بما كشف النية المبيّتة لتزوير إرادة الناخبين.
ولعل ذلك يفسِّر الضعف في الإقبال على الاقتراع والمشاركة في العملية الانتخابية؛ فقد قالت اللجنة العليا للانتخابات: إن نسبة الإقبال على الاقتراع بلغت 25%، بينما ذكر مدير الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية أحمد فوزي أن هذه النسبة لم تتجاوز 10 % من إجمالي الناخبين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، والبالغ عددهم نحو 40 مليونًا!!
حتى وإن سلّمنا بأن النسبة كانت 25%، فهي نسبة ضعيفة جدًّا إذا ما قورنت بنسب المشاركة في الدول الديمقراطية، وهذا يدل -بلا شك- عن تسرُّب مشاعر الإحباط واليأس إلى نفوس المصريين من إمكانية تحقيق التغيير السلمي.
ومما يضاعف من إحساسنا بالمرارة أن هذه الصورة السلبية عن مصر والمصريين لم تعد شأنًا داخليًّا؛ إذ تناقلتها وسائل الإعلام والصحف ووكالات الأنباء العربية والعالمية؛ ليرى العالم الوضع الصعب الذي وصل إليه الأداء السياسي لنظام الحكم المصري.
انتخابات مجلس الشعب 2010 في وسائل الإعلام
كتبت صحيفة السفير اللبنانية الصادرة بتاريخ 29/11/2010م تحت عنوان "الانتخابات الأقل شرعية في تاريخ مصر: قتلـى وتزويـر وانسـحابات للمعارضـة":
جرت الأحد 28 نوفمبر 2010م انتخابات مجلس الشعب المصري وسط أجواء من العنف والتوتر عمت مختلف أنحاء الجمهورية، وإن سجلت استثناءات تم فيها التصويت بشكل عادي. وتباينت التقديرات الرسمية والمستقلة لعدد القتلى؛ حيث أعلنت وزارة الصحة مقتل ثلاثة بسبب أعمال العنف، بينما قالت منظمات مراقبة الانتخابات: إن ما بين 8 و10 أشخاص لقوا مصرعهم. وبدت الصورة قاتمة مع تصاعد وتيرة الشغب، حيث استخدمت أسلحة بيضاء وذخيرة حية وزجاجات مولوتوف، ومنع الأمن عددًا كبيرًا من مندوبي مرشحي "الإخوان المسلمين" من التواجد داخل مراكز التصويت لمراقبة سير الاقتراع، حتى إن مرشح الجماعة في دائرة الرمل في الإسكندرية نقل إلى المستشفى بعدما قام أنصار مرشح الحزب الوطني الحاكم رفعت المحجوب بالاعتداء عليه وإصابته بجروح.
وبحسب مركز "النديم" لضحايا التعذيب الذي خصص غرفة لمتابعة الانتهاكات، اندلعت تظاهرة حاشدة في السويس هتفت بسقوط الرئيس حسني مبارك بعدما قام المتظاهرون بإغلاق طريق السويس احتجاجًا على رفض رؤساء لجان الانتخابات هناك السماح لمندوبي مرشحي المعارضة دخول لجان التصويت منذ الصباح الباكر. وتطور الأمر إلى قيام الآلاف بالتظاهر أمام مبنى المحافظة بحسب شهود عيان. وقال المركز: إن الأمن "اختطف ثلاثة من أنصار الإخوان في بندر سوهاج في صعيد مصر واعتقل رئيس لجنة في مدرسة الزهراء الابتدائية في بندر المنصورة (الدلتا)؛ لرفضه التزوير وتم إيداعه قسم أول المنصورة. واتهمت الناشطة الحقوقية في المركز عايدة سيف الدولة رئيس مباحث الصف بمحافظة حلوان جنوب القاهرة بالتجول بين اللجان في الخامسة من عصر يوم الانتخاب وطرد مندوبي المرشحين من خارج الحزب الوطني الحاكم وتسويد بطاقات الانتخاب. وفي السادسة من مساء نفس اليوم أعلنت محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية توقف إعلان نتيجة انتخابات السويس في الدائرتين الأولى والثانية. كذلك اضطرت اللجنة العليا للانتخابات -وهي الجهة المسئولة عن تنظيم الانتخابات بتعيين من الرئيس المصري مبارك- إلى وقف الانتخابات في عشرات الدوائر؛ بسبب أعمال العنف.
وكان الأحد 28 نوفمبر يومًا عصيبًا للصحفيين الذين تعرض كثيرون منهم للتحرش الأمني أو الاعتقال لفترات محدودة أو مصادرة كاميراتهم أو تكسيرها، كما حصل في دائرة الحامول بمحافظة كفر الشيخ. وبرز الفضاء الإلكتروني، خاصة موقع "تويتر" كأهم مصدر للأخبار طوال يوم الانتخاب، حيث تناقل النشطاء والمعنيون معلومات حية حول آخر التطورات، وبُثت الصور والشرائط المصورة التي كشفت عن تزوير داخل لجان والاعتداء على أنصار "الإخوان" بالسيوف.
وظهرت صحف اليوم السابق للانتخابات البرلمانية المصرية بعناوين عكست تلك الحالة؛ فجاء مانشيت (الشروق): "اليوم انتخابات المستقبل"، و(المصري اليوم): "اليوم تُكرم مصر أو تُهان". بينما كانت صحيفة (العربي) -لسان حال الحزب الناصري- أكثر جرأة من الجميع بمانشيت: "الانتخابات الأسوأ في تاريخ مصر".
كذلك في موقع الجزيرة نت صباح الاثنين 29/11/2010م نشر خبر عن بدء الفرز بانتخابات مصر وسط اتهامات، جاء فيه:
بدأت عملية فرز الأصوات في الانتخابات التشريعية بمصر، فيما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات أن نسبة الإقبال في الاقتراع بلغت 25%، وأنها تلقت 120 شكوى من عدة محافظات بشأن خروقات في هذه الانتخابات.
وقال رئيس اللجنة المستشار السيد عبد العزيز عمر: إن النتائج النهائية ستعلن مساء الثلاثاء. وقد استبعدت 16 لجنة فرعية من عملية الفرز؛ لما وقع فيها من أعمال شغب. كما ألغى رئيس اللجنة الفرعية في محافظة كفر الشيخ شمالي مصر 35 صندوقًا انتخابيًّا؛ بسبب مخالفات قانونية شابت العملية.
وأفاد مراسل للجزيرة بأنه تم إلغاء الانتخابات في مركز بيلا بالمحافظة بعد إحراق المكتب المخصص لعمليات الفرز، كما ألقي القبض على 20 من أنصار المرشح المتهم بالوقوف خلف عملية إضرام النار. جاء ذلك بعد أن انتهت عملية الاقتراع وسط أعمال عنف وشكاوى المعارضين من وقوع عمليات تزوير.
في هذه الأثناء قالت جماعة الإخوان المسلمين إنها رصدت ما وصفته بعمليات تزوير واسعة في عدد من الدوائر الانتخابية، لكن الحزب الوطني الحاكم نفى وقوع أي عمليات تزوير.
من جهتها ذكرت القوى والأحزاب المعارضة في وقت سابق أن أنصارهم منعوا من الإدلاء بأصواتهم في العديد من الدوائر. وأضافت أن عناصر يحملون أسلحة بيضاء تتواجد قرب بعض اللجان الانتخابية في الدقهلية وسوهاج ومدن أخرى؛ لإرهاب أنصار المعارضة.
وكانت مصادر حقوقية مصرية قالت: إن عددًا من مراكز الاقتراع بقي مغلقًا أمام مندوبي المرشحين من المعارضة والمستقلين وجماعة الإخوان المسلمين في غالبية المحافظات.
ونقل أحد مراسلي الجزيرة عن الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي قولها: إن سلطات الأمن منعت 350 من مراقبيها من دخول مراكز الاقتراع.
وتأتي هذه الأحداث رغم تكثيف السلطات الإجراءات الأمنية؛ تحسبًا لأعمال شغب قد تندلع في الانتخابات، ونفيها تدخل الأمن في هذه العملية.
وكان وزير الداخلية حبيب العادلي أكد في وقت سابق أن الشرطة ستتصدى لأي أعمال عنف في الانتخابات الحالية.
ومن جانبه أكد اللواء طارق عطية المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية أن انتخابات مجلس الشعب التي جرت في جميع محافظات الجمهورية شكلت "عرسًا للديمقراطية في مصر".
لكن منظمات مستقلة تراقب الانتخابات وصفت الانتخابات بأنها "مأتم للديمقراطية"، حيث قالت: إن مراقبين تابعين لها تعرضوا للاحتجاز والضرب في دوائر انتخابية رغم حصولهم على تصاريح من اللجنة العليا للانتخابات لمراقبة عمليات الاقتراع، وإنه جرى إرهاب الناخبين باستخدام مواد حارقة، ومنعهم من دخول لجان التصويت في بعض الدوائر.
وتحت عنوان "التزوير حسم الانتخابات لصالح الوطني"، جاء في صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية في عددها الصادر الاثنين 29/11/2010م أن الحزب الوطني الحاكم في مصر تمكَّن من حصد أغلب مقاعد البرلمان لصالحه، بعد استخدامه أسلوب البلطجة والتزوير، والاستعانة بالأجهزة الأمنية.
وأضافت نقلاً عن توم مالينوفيسكي مدير منظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية لحقوق الإنسان الذي حضر إلى مصر؛ لمشاهدة ما يجري أمام مراكز الاقتراع: إن الحزب الحاكم نجح في توليف كل أساليب الاحتيال كالتزوير، والبلطجة، والأجهزة الأمنية؛ لضمان فوزه في الانتخابات، وتحجيم وصول الناخبين إلى مراكز الاقتراع.
وأكدت أن عمليات حشو الصناديق ببطاقات الاقتراع تمَّت في وقتٍ مُنع فيه عددٌ كبير من المندوبين من الدخول إلى مراكز الاقتراع، فضلاً عن منع عدد من مؤيدي مرشحي الإخوان من الإدلاء بأصواتهم، والسماح فقط لأنصار مرشحي الوطني.
وأشارت إلى تعاون الموظفين بلجان الانتخابات مع الحزب الحاكم والأجهزة الأمنية؛ لعرقلة تصويت الناخبين الذين يظهر عليهم تأييدهم لمرشحي الإخوان، في الوقت الذي يتم فيه تسهيل الإجراءات لأنصار مرشحي الوطني، كما حدث في لجنة مدرسة هدى شعراوي بالدقي.
كما أكَّدت صحيفة التايم الأمريكية الصادرة أيضًا يوم الاثنين 29 نوفمبر على استمرار القبضة البوليسية الغليظة لنظام الحكم في مصر؛ حيث رصد مراسلها في مصر عدّة شكاوى لناخبين ومراقبين من مضايقات الشرطة، وتفشي عمليات التزوير، بجانب منعهم من دخول مراكز الاقتراع، واستدل المراسل بأحد شهود العيان الذي صرخ قائلاً: "لقد انتظرنا عدّة ساعات أمام اللجنة للإدلاء بأصواتنا، ولكنّهم يمنعونا من الدخول حتى يتمكّنوا من التزوير داخل اللجان".
ختامًا
أعلنت اللجان المشرفة على الانتخابات بالمحافظات نتائج معظم دوائر الجمهورية، والتي أسفرت عن فضيحة خسر فيها الحزب الوطني بكافة مقاييس النزاهة والديمقراطية، وأثبت عدم اكتراثه بسمعة مصر داخليًّا وخارجيًّا، إن استمر استحواذه -بالقوة والتزوير- على مقاعد البرلمان المصري.
إلى متى يمكن أن يستمر هذا الوضع؟
أعتقد أن الإجابة الواضحة هي التأكيد على استحالة استمراره إلى النهاية، وأنه حتمًا سوف يتغيّر، ولكن المخيف هو غلق كافة السُّبُل أمام إمكانية تغييره بشكل سلميّ، بما يدفع الدولة المصرية -وليس النظام الحاكم فقط- إلى هاوية الانفجار غير المحسوب، والغرق في دوامة فوضى لا يتمناها أحد.
ولا نلقي هنا باللائمة على الدولة فقط، بل نعيب على الكثير من المصريين تفريطهم في الحد الأدنى من حقوقهم وهو اختيار من يمثلهم في البرلمان، فبكل تأكيد إن السلبية والتفريط سهَّلت المهمة وتركت الساحة خالية أمام كل من أراد التزوير والتلاعب في هذه الانتخابات وسابقاتها.
[1] الجزيرة نت، "مصر.. إلى أين؟" تغطيات خاصة 2010م.
[2] صحيفة الشروق المصرية، 8 سبتمبر 2010م.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]