[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
الخبر: تم الكشف عن مخطط تدريبي لتدمير مكة والمدينة والبقاع المقدسة للمسلمين ضمن الحصص التدريبية لضباط الجيش الأمريكي.
التعليق:
للكعبة بيت الله الحرام خصوصية كبرى عند المسلمين، فهي قبلتهم ومسقط رأس نبيهم، وتهفو القلوب إليها طبعًا وفطرة، وتشد الرحال إليها من كل حدب وصوب، ولم ينقطع الطواف بها منذ بنائها إلى الساعة التي يأتي فيها عبد حبشي وضيع قبيح الخلق والخلقة بشع الأوصاف يقوم بتدميرها ونقضها حجرًا حجرًا، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح المشهور بحديث ذي السويقتين الحبشي..
ودون ذلك اليوم المشئوم، كانت هناك العديد من المحاولات لتدمير الكعبة على مر العصور، أشهرها قطعًا محاولة أبرهة الحبشي التي خلدها القرآن في سورة الفيل، والتي سكبت في قلوب المسلمين طمأنينة وسكينة وثقة نحو فشل أي محاولات للنيل من بيت الله الحرام؛ لأنه -وبمنتهى الثقة- للبيت رب يحميه، فقد حاول القرامطة هدم البيت، وحاول الصليبيون في القرون الوسطى الهجوم على البيت عدة مرات بعد أن نجحوا في احتلال بيت المقدس، بل حاولوا سرقة الجثمان النبوي الشريف، ونفس الأمر حاوله البرتغاليون والصفويون، ولكن كل المحاولات باءت بالفشل.
ورغم شواهد التاريخ على مر العصور على فشل كل محاولات تدمير الكعبة، إلا أن أعداء الأمة لم يتوقفوا يومًا عن محاولات تدمير الكعبة وإبادة مقدسات المسلمين، وعلى ما يبدو أنهم لن يتوقفوا أبدًا، وما يجري في الغرب عامة وأمريكا على وجه الخصوص خير دليل على هذه العقلية المهووسة بعداوة الإسلام والمسلمين.
العقيدة القتالية التي تشكلت في الغرب في العصر الحديث بنيت على أسس تاريخية راسخة مستلهمة من إرث الحروب الصليبية، وهو الإرث الذي يعتبر المسلمين عدوًّا أبديًّا لا ينفك عنهم هذا الوصف مهما كان حال المسلمين من ضعف أو قوة، وحدة أو فرقة.
غير أن العقيدة القتالية عند الأمريكان تتفوق على نظيرتها الأوربية في اعتماد الوحشية والدموية كمسلك وحيد في بناء حضارتهم البائسة؛ فالعقيدة القتالية الأمريكية تمثل انتهاكًا دائمًا للإنسانية والبشرية، فأمريكا عدوّة الإنسانية، اسألوا الهنود الحمر، اسألوا إفريقيا السوداء، واسألوا اليابان، واسألوا أمريكا الجنوبية، ضحايا يُقدرون بعشرات الملايين، أرقام خيالية، وأعداد مذهلة، ووفيات لا يعلمهم يقينًا إلا الله سبحانه..
فقد قاموا بإبادة ملايين الهنود الحمر، يصل عددهم في بعض الإحصائيات إلى أكثر من مائة مليون، وهم السكان الأصليون لأمريكا، وبعدها أصدرت قرارًا بتقديم مكافأة مقدارها 40 جنيهًا، مقابل كل فروة مسلوخة من رأس هندي أحمر، و40 جنيهًا مقابل أسر كل واحد منهم، وبعد خمسة عشر عامًا، ارتفعت المكافأة إلى 100 جنيه، و50 جنيه مقابل فروة رأس امرأة أو فروة رأس طفل، وأصدرت بعد ذلك قانونًا بإزاحة الهنود من أماكنهم إلى غربي الولايات المتحدة؛ وذلك لإعطاء أراضيهم للمهاجرين، وهُجّر إلى المناطق الجديدة أكثر من 700.000 ألف هندي، فمات كثير منهم في الطريق الشاق الطويل، وعرفت هذه الرحلة تاريخيًّا: برحلة الدموع.
وفي عام 1763م أمر قائد أمريكي برمي بطانيات كانت تستخدم في مصحات علاج الجدري إلى الهنود الحمر؛ بهدف نشر المرض بينهم، مما أدى إلى انتشار الوباء الذي نتج عنه موت الملايين، ونتج عن ذلك شبه فناء للسكان الأصليين في القارة الأمريكية. إنها حرب جرثومية بكل ما في الكلمة من معنى، فكانت هذه الحادثة هي أول وأكبر استخدام لأسلحة الدمار الشامل، وتم جلب ملايين الأفارقة من غرب إفريقيا كعبيد ليقوموا ببناء الحضارة الأمريكية بدمائهم وأرواحهم، ويكون مصيرهم وجزاؤهم بعد ذلك القتل والاستعباد والمهانة والاضطهاد العنصري حتى كتابة هذه السطور.
وفي العصر الحديث استعرضت أمريكا عقيدتها القتالية الوحشية بأبشع الصور وفي شتى الاتجاهات، فهم يصبون ملايين الأطنان من القنابل على الأبرياء، وكأنهم يصبونها على جبال صماء؛ ففي الحرب العالمية الثانية، دمرت 334 طائرة أمريكية ما مساحته 16 ميلاً مربعًا من طوكيو، بإسقاط القنابل الحارقة، وقتلت مائة ألف شخص في يوم واحد، وشردت مليون نسمة، وألقت قنبلتين نوويتين فوق مدينتي هيروشيما ونجازاكي، وقال بعدها الرئيس الأمريكي هاري ترومان، وهو يعبر عن العقيدة والثقافة الأمريكية: "العالم الآن في متناول أيدينا".
وفي حقبة الخمسينيات والستينيات ذبحت الولايات المتحدة زُهاء عشرة ملايين صيني وكوري وفيتنامي وكمبودي، وتشير التقديرات إلى مقتل مليوني كوري شمالي في الحرب الكورية، وكثير منهم قتلوا في الحرائق العاصفة في "بيونج يانج" ومدن رئيسة أخرى! وأدى القصف الأمريكي "لهانوي" في فترة أعياد الميلاد، في عام 1971م إلى إصابة أكثر من 30 ألف طفل بالصمم الدائم. وقتل الجيش الأمريكي المدرب في جواتيمالا أكثر من 150 ألف فلاح، ما بين عام 1975م- 1981م.
ولما انتهت أمريكا من حربها على خصومها السياسيين ممثلين في الشيوعية وروافدها، جعل الأمريكان جلّ حربهم على العالم الإسلامي، وباسم الحرب على الإرهاب والحروب الوقائية والاستباقية شنّ الأمريكان حروبًا وليس حربًا واحدة على العالم الإسلامي؛ على العراق وعلى الصومال وعلى السودان وعلى ليبيا وعلى أفغانستان وباكستان قُتل خلالها ملايين المسلمين غير من جُرح وشُوّه، وأصبحت عواصم العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين والصومال ميدانًا لتجريب أحدث الأسلحة التقليدية وغير التقليدية، ومن كان يقع في أيديهم من المسلمين أسيرًا كانوا يتفننون في تعذيبه والتنكيل به وإخراج كل عُقَدهم النفسية والسادية المتوحشة عليه، وما حدث في معتقل أبو غريب العراقي وجوامنتامو الكوبي أوضح دليل على طبيعة العقلية القتالية عند الأمريكان.
إن ما جري اليوم من تدريب للضباط والمقاتلين الأمريكان على اقتحام مكة والمدينة وتدميرهما في الكليات والمعاهد العسكرية، يضاف لسلسلة جرائمهم ضد العالم الإسلامي شعبًا ودينًا، والتي أخذت طابع الإهانة المتعمدة والدورية لمقدسات المسلمين وعقائدهم وشرائعهم؛ فمسألة حرق المصحف وتنجيسه على يد الجنود الأمريكان أصبح دوريًّا ومعتادًا من حين لآخر، ومسألة التهديد بتدمير مكة والمدينة ليست وليدة فكر قائد عسكري مهووس، بل إستراتيجية ثابتة عند الساسة الأمريكان، وجاء ذكرها عدة مرات على لسان ساسة مثل توم تانكريدو السيناتور عن ولاية فلوريدا، ونيوت جنجريش رئيس الأغلبية في مجلس الشيوخ..
وحتى مات رومني المرشح الأوفر حظًّا في خوض السباق الرئاسي ضد أوباما هذه المرة رفض اعتذار أمريكا عن جريمة حرق المصاحف، ووصف العرب والمسلمين بالذئاب!! فثمة ركيزة أساسية في العقيدة القتالية الأمريكية في الألفية الجديدة وهي اعتبار الإسلام والمسلمين هو العدو الأول والأوحد لأمريكا!
وهذا العداء السافر يتطلب مواجهة حاسمة وواضحة من العالم الإسلامي تجاه التهديدات الأمريكية المتنامية نحو ضرب مقدسات المسلمين؛ فالسذاجة أو الوهن هو الذي دفع العالم الإسلامي لابتلاع الإهانة والتزام الصمت تجاه دورية حرق المصحف بعد أن قدمت أمريكا مبررات واهية اعتذرت بها عن حرق المصحف بدعوى أنه حادث فردي عابر لا يمثل سياسة البلاد، كما سبق وأن ساقت نفس المبررات عن جرائم أبو غريب الوحشية، وصدّقها العالم الإسلامي المغلوب على أمره، ولكن هذه المرة التهديد جديّ، وما يمنع أمريكا أن تقصف الكعبة بالصواريخ العابرة للقارات ثم تعتذر بأنه خطأ فردي بكبسة زرّ من قائد عسكري مهووس! فهل عندها سيصدق المسلمون ويصمتون؟!
كما أنه على المسلمين المقيمين في أمريكا واجب التصدي بحسم لأمثال هذه المخططات الشيطانية، فالصوت الإسلامي في الانتخابات له وزنه وتأثيره ولا يستهان به، وقد رأينا كيف أطاح الصوت الانتخابي للمسلمين بالصهيوني ساركوزي بعد أن اضطهدهم وحارب دينهم وخصوصياتهم، فلا بد من موقف واضح وقوي من هذه التهديدات. ولا يكفي وقف هذه التدريبات فحسب، بل لا بد من معاقبة المسئولين عنها ومحاكمتهم على تهمة بثّ الكراهية والاضطهاد الديني، على الأقل أسوة بتهمة معاداة السامية، وهي السيف المصلت على رقاب خصوم اليهود في كل مكان في العالم.
والحقيقة التي لا بد أن يعرفها المسلمون أن الله عز وجل قد أرسل الطير الأبابيل على أبرهة وجنوده عندما لم يكن هناك أمة مسلمة وقتها تحمل أمانة الدفاع عن المقدسات ومسئولية حراسة الدين، فلما صارت أمة كان عليها واجب الدفاع والدفع لهؤلاء المجرمين؛ لذلك لما اقتحم القرامطة بيت الله الحرام سنة 317هـ وذبحوا الحجيج وقلعوا الحجر الأسود وردموا بئر زمزم، لم يرسل الله عليهم طيرًا أبابيل ولا قصفهم بحجارة من سجيل، فما بالنا اليوم ونحن مليار وربع مسلم منتشرون في كل مكان في العالم..!
فهل يعقل أن نضع رءوسنا في الرمال، ونتذرع بالدعاء وحده ليحفظ الله بيته من كيد ذي السويقتين الأمريكي الذي يهدد بتدمير الكعبة ومكة والمدينة؟! ومن يدري لعل أوباما الأسود ذو الأصول الحبشية يكون هو ذو السويقتين؟! ربنا يستر.
المصدر: موقع مفكرة الإسلام.