[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
"لهم أجندة خارجية".. كان الإيحاء واضحًا بأن المعنيين بالتحديد هم "الإخوان المسلمون" أو على الأصح كافة الإسلاميين الذين شاركوا كباقي أفراد هذا الشعب في الاحتجاجات, وهو اتهام تكرر كثيرًا على لسان أطراف عديدة إعلامية وسياسية في نظام حسني مبارك، وكان المقصودون هم أبناء الشعب المصري الذين خرجوا إلى الميادين والشوارع ينادون برحيل الدكتاتور الهرم وينددون بـ 30 عامًا من الفساد والاستبداد.
أكذوبة الأجندة الخارجية قديمة متجددة يستدعيها هؤلاء القتلة كلما دعت حاجتهم إليها، وهي الفكرة التي رأت فيها عقولهم الآن وسيلة لتشويه هذه الثورة الشعبية غير المسبوقة في تاريخ المصريين.
وهو اتهام عجيب وغريب، يحمل من الأوصاف ما لا تسعفنا الذاكرة في حصره الآن, لكنه يطرح -في الوقت نفسه- عددًا من التساؤلات ربما تكون جديرة بتفسير حقيقة هذه "الخارجية" والجهة التي تتبناها في بلادنا ولصالح من.
فإذا كان بالفعل ثمة أجندة خارجية يُعمل بها في مصر، فمن الأهمية بمكان البحث عمن يتبناها في هذه البلاد، وهنا نتساءل هل الذين خرجوا يطالبون بأدنى حقوقهم الإنسانية والسياسية والاجتماعية، كغيرهم من شعوب العالم، والذين تعرضوا لكل صنوف القهر والظلم على مدار عقود هم أصحاب الأجندة الخارجية أم الذين حكموا الشعوب والبلاد لصالح أعدائها في الشرق والغرب؟!
تعلم شعوب الأرض قاطبة أن مبارك هو الحليف الثاني في المنطقة العربية للإدارة الأمريكية بعد إسرائيل، وفي إطار هذا الدور قدم مبارك خدمات لأمريكا لم تكن لتتحصل عليها لولا وجوده على رأس السلطة في مصر، وليس أدل على ذلك من الدور الذي قام به قائد الضربة الجوية في غزو العراق، الدولة العربية المسلمة الشقيقة، ثم دوره فيما يسمى الحرب على الإرهاب.
تخطط أمريكا لاحتلال العراق فيخرج رئيسنا المبجل يطالب الرئيس العراقي صدام حسين بالاستقالة والخروج من بلاده حتى يدخلها الغزاة، ثم يفتح هو قناة السويس لعبور آمن للبوارج الحربية الأمريكية التي تحمل أفتك ما عرفته البشرية من أسلحة.
تغزو القوات الإثيوبية الصومال بدعم أمريكي, فيقول رئيسنا المبجل: إنه يتفهم دوافع دخول إثيوبيا الأراضي الصومالية.. تعتدي إسرائيل على جنوب لبنان فيبارك الإجرام الصهيوني ضد دولة عربية.
أما علاقته بإسرائيل في إطار اغتصابها لفلسطين والمقدسات فحدث عنها ولا حرج، فمبارك هو حامي حمى الدولة الصهيونية، فعل وفعل من أجلها، حاصر المستضعفين في غزة، ومنع قوافل المساعدات من الوصول إليهم، وأقام السياج الفولاذي، وسمح بوجود قوات وأجهزة أمريكية تراقب الحدود.
كما عادى حركة "حماس" وساهم في كل المؤامرات التي حيكت ضد حكومتها المنتخبة شرعًا من قبل الشعب الفلسطيني، ولو كان يملك لمنع عنها الماء والهواء.
أو هل نسي العالم حجاج غزة من العواجز والشيوخ الذين علقوا أيامًا بعدما أمرت إسرائيل مبارك بعدم السماح لهم بالعودة إلى ديارهم.
من أحق بتهمة "الأجندة الخارجية"، المتظاهرون سلميًّا، أم الذي يمنح الغاز المصري لإسرائيل بربع الثمن العالمي، حتى صار العاطلون والفقراء والجوعى من المصريين -وبدون إرادة منهم- يتصدقون بما قيمته 3 مليار دولار سنويًّا لصالح إسرائيل! وهذه بحق أعجوبة الزمان، فهل استشار مبارك المصريين إن كانوا يقبلون بأن تسير الدبابات والطائرات وغيرها من الآليات الصهيونية التي تقتل أشقاءهم في فلسطين بغاز مصري أم لا؟
من هو صاحب الأجندة الخارجية؟ الذين تحملوا كل أشكال الإجرام على مدار 30 عامًا وهم صابرون، أم الذي شهدت عهوده انتهاك لأدنى كرامة المصريين خارج بلادهم وداخلها، حتى استطاعت سيارة تابعة لإحدى السفارات الأجنبية (يجزم كثيرون بأنها السفارة الأمريكية) أن تدهس 15 مصريًّا أمام الجموع وفي قلب القاهرة دون أن تخشى محاسبة، وذلك طبعًا بفضل طريقته في تسيير شئون البلاد التي أوحت إلى الدبلوماسيين الأجانب أنهم في بلد لا مانع من دهس أبنائها بالسيارات، ما دام كل شيء قابلاً للتفاوض حوله.
المصدر: صحيفة المصريون.