[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
"أنشأ جمال الدين الأفغاني في الإسكندرية (جمعية مصر الفتاة)، ولم يكن فيها مصري حقيقي واحد، وإنما كان أغلب أعضائها من شباب اليهود..! كانت هذه الجمعية سرية، وكان لها صحيفة تنطق باسمها هي صحيفة (مصر الفتاة)، ذكر ذلك الشيخ محمد عبده في كتابه (أسباب الحوادث العرابية)"[1].
ويظهر أنهم كانوا من الأتراك النازحين؛ لأنه كان معروفًا عن الأتراك المعادين لسياسة السلطان عبد الحميد أنهم يهربون إلى مصر، وإلاَّ فما معنى قول الشيخ محمد عبده: "لم يكن فيها مصري واحد". وقد كان لهذه الجمعية دور خطير في إدارة ثورة عرابي، وهذا ما يجعلنا نشكُّ في إخلاص أحمد عرابي في ثورته، خاصةً أنه ثبت أنه ماسوني. ورغم أن هذه الجمعية تأسست في الإسكندرية، إلا أنه أصبح لها فروع في مختلف المدن المصرية، وكانت هذه الجمعية أشبه ما تكون بجمعية تركيا الفتاة، التي حرَّكت الثورة ضد السلطان عبد الحميد وانتهت بخلعه.
وهنا يعلق الدكتور محمد حسين على التشابه بين هاتين الجمعيتين فيقول: "هذا التشابه بين الاسمين وبين الأهداف الثورية لكل منهما، مع الاتفاق الزمني؛ لأن مؤسس تركيا الفتاة على ما هو معروف هو مدحت المعاصر للثورة العرابية، يوحي بوجود صلة، ويؤيد وجود هذه الصلة أن عددًا كبيرًا من أعضاء الحزبين التركي والمصري كانوا من الماسون، وأن الحزبين كليهما كانا متأثرين بمبادئ الثورة الفرنسية، التي كان بعض زعمائها ومفكريها من الماسون أيضًا"[2]. إذن لا بد أن تكون جذور هذين الحزبين واحدة، ولا يستبعد أن تكون الماسونية هي التي أوعزت إلى جمال الدين الأفغاني بتشكيل هذا الحزب أو الجمعية.
والذي يؤيد القول بأن هذه الجمعية كانت وراء ثورة عرابي، وأن للماسونية الدور الأكبر في أمثال هذه الجمعيات السرية التي لا يُعرف أعضاؤها ومحركوها - ما جاء في البحوث التي نشرتها الجامعة الأمريكية في بيروت إذ تقول: "... ويكفي أن نقول: إنه كان للماسونية دور كبير في هذه الجمعيات لم يكشف بعدُ، ولم توضح جوانبه الخفيَّة.. ونحن نعلم أن الجمعيات الماسونية وعلى رأسها مكالييري اليوناني، قامت بدور كبير في حركة الانتفاض على حكم عبد الحميد في تركيا.
وأحب أن أشير أيضًا إلى تأثر بعض هذه الجمعيات بتنظيم جمعيات الكاربوناري، كما كان الأمر في "جمعية مصر الفتاة" التي نظمها عدد من يهود الإسكندرية بالاشتراك مع بعض المثقفين المصريين على غرار جمعيات الكاربوناري، وفي الجمعيات السرية في العهد الحميدي"[3].
من هذا تفهم أن جمعية مصر الفتاة هي صورة مصغرة عن جمعية تركيا الفتاة، وكلاهما يعملان سرًّا بأوامر الماسونية اليهودية العالمية[4].
المصدر: كتاب (أعلام وأقزام في ميزان الإسلام).