احرار الاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

احرار الاسلام

منتده اسلامى سياسي و اخبار عاجلة
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 العودة إلى الله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعيدعبدالله
Admin



عدد المساهمات : 1012
تاريخ التسجيل : 24/09/2012

العودة إلى الله  Empty
مُساهمةموضوع: العودة إلى الله    العودة إلى الله  Emptyالسبت سبتمبر 29, 2012 12:13 am

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
جعل الله قضية فلسطين مقياسًا دقيقًا لإيمان الأمة؛ فهي تسقط في براثن الاحتلال -أيًّا كان هذا الاحتلال- إذا ابتعد المسلمون عن دينهم, وفقدوا هُوِيَّتَهُم, ولم يَتَّبعوا شرع ربهم, كما أنها تعود إلى سلطان الإسلام إذا عاد المسلمون إلى دينهم, وتمسَّكُوا بشرع ربهم وسُنَّة نبيِّهم , فلحظات ارتفاع المقاومة للاحتلال, ولحظات النضال والجهاد والقوة هي لحظات الإيمان, أمَّا إذا ظهر الاستسلام والخنوع فهذه إشارة إلى غياب الدين من حياة المسلمين.

ولن يتغيَّر حالنا من ذِلَّةٍ إلى عِزَّة, ومن ضعف إلى قوة, ومن هوانٍ إلى تمكين.. إلاَّ إذا اصطلحنا مع ربنا, وطبَّقنا شرعه, وتُبْنَا من ذنوبنا, وأخرجنا الدنيا من قلوبنا, وعَظُمَت الجنةُ في عقولنا.

وما أروع كلمات عبد الله بن رواحة وهو يُشَجِّع الناس يوم مُؤْتَة فيقول: "يا قوم, والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون الشهادة, وما نقاتل الناس بعدد ولا كثرة, وإنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به"([1]).

والله لا ينصر إلا من ينصره.. يقول : {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحج: 40], ويقول تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]؛ وعليه فإن المسلمين يجب أن يبحثوا عن الوسائل التي بها ينصرون الله؛ وذلك حتى ينصرهم الله نتيجة لذلك, وهذه الوسائل كثيرة جدًّا, ومن أهمها ما يلي:

تصحيح العقيدة :
فلا يمكن لنصر أن يتمَّ مع فساد عقيدة, ولا يمكن لمن لا يؤمن بالله ولا برسوله أن يُحَقِّقَ خطوة نجاح في سبيل تحرير فلسطين, بل إن الله دومًا يُحْبِط عمله, ويجعله هباءً منثورًا, وتصحيح العقيدة يحتاج إلى كثير علم وإلى صلاح قلب, وإلى طول مجاهدة, ولا يصلح -في الحقيقة- دون معرفة بالله , وبصفاته العظيمة وآلائه الكريمة, ولا نقصد بالطبع المعرفة النظرية, أو القراءة الأكاديمية, ولكن نقصد المعرفة, التي تقود إلى حُبِّ الله , وإلى الخوف منه, والتوكُّل عليه, والتوجُّه إليه, واليقين العملي الكامل في قدرته I وقوته وحكمته وعلمه, والإحساس الدائم بمراقبة الله وإحاطته بكل الأمور, وأنه ما من صغيرة ولا كبيرة في الكون إلا ويعلمها ويُقَدِّرها ويأذن بها, وأن أمره بين الكاف والنون.

كما نؤمن إيمانًا جازمًا بصدق رسول الله , وكماله وأمانته, وتمام تبليغه عن رَبِّ العِزَّة, وأنه ما كتم شيئًا, ولا بدَّل ولا غيَّر, وأننا لن ندخل الجنة بحال من الأحوال إلا خلفه , وأننا في احتياج -كما يحتاج البشر جميعًا- إلى شفاعته يوم القيامة.

الإيمان العميق باليوم الآخر :
وأن الله سيبعثنا جميعًا فيحاسبنا على كل أعمالنا؛ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7, 8]؛ ولذلك فالذين لا يضعون هذا اليوم في تصوراتهم وحساباتهم لا يمكن لهم بحال أن يُحَرِّرُوا فلسطين.

تجديد النية دومًا :
بأن يُجعل العمل من أجل تحرير فلسطين خالصًا لله ؛ فالله أغنى الأغنياء عن الشرك, والنية تتفلت من العبد كثيرًا, وتحتاج إلى متابعة دورية, ورعاية دائمة.

كمال العبادة :
بدوام المحافظة على الصلوات في المسجد, وحساب الزكاة بشكل دقيق, والصيام الصحيح التامِّ لرمضان, وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً؛ فإن فعل المسلم ذلك على الوجه الأكمل أسرع إلى تجميل عبادته وجبر كسرها عن طريق النوافل والفضائل, فيحرص المسلم الذي يريد أن يشترك في تحرير فلسطين على قيام الليل, وعلى قراءة القرآن بتدبُّر وخشوع ومداومة, وعلى كثرة الذكر, وعلى الصدقة في السرِّ والعلن, وعلى صيام النفل بشكل مُكَثَّف, وعلى مداومة الحج والعمرة إن تيسر, وغير ذلك من النوافل العظيمة, والفضائل الكريمة.

التحلِّي بحسن الأخلاق :
فلا يستقيم أن ننصر الله وقد فسدت أخلاقنا, وانحرفت طباعنا, بل إن من ألزم دلائل نُصْرَتِنَا لله أن نكمِّل أخلاقنا ونحسِّنَها, ويكفينا أن رسول الله قد جعل الهدف الأسمى من بعثته هو إتمام الأخلاق فقال: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ"([2]).

وعليه فإن الطريق لتحرير فلسطين يمرُّ بالصدق, والأمانة, والعفة, والكرم, والوفاء, والنخوة, والحلم, والعفو.. وغير ذلك من الأخلاق الحميدة, كما يمرُّ في الوقت ذاته بغضِّ البصر, وحفظ الطريق, ورعاية الجار, وعون الملهوف, بل ويمرُّ بطلاقة الوجه, ودوام التبسم, وبشاشة اللقاء, وليس هذا من الأمور المتكلفة, بل هو صميم الإسلام.

المدارسة المتعمقة لسيرة الرسول :
لأن حياته هي دين الإسلام, وهي التطبيق العملي لكتاب الله , وقد كان قرآنًا يمشي على الأرض, ولقد مرَّ في حياته بكل الظروف التي من الممكن أن نتعرَّض لها.. في فلسطين أو في غيرها, ولقد أمرنا الله باتباع هديه , والسير في طريقه.. قال : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21], ولو أَحْسَنَّا التدبُّر في سيرته لعَرَفْنَا العدوَّ مِنَ الصديق, ولأدركنا متى نسالم ومتى نحارب, ولفقهنا أسباب النصر وعوامل الهزيمة, وهذا لا يُوَفِّر وقتًا على الأمة فقط, بل يُوَفِّر جهدًا وطاقات هائلة, وقبل ذلك وبعده يضمن لهم رضا الله , الذي هو منتهى آمال المؤمنين.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
وهي الخاصية المميزة لهذه الأمة عن غيرها من الأمم, وبها نالت الخيرية وسبقت؛ ولقد قال ربنا تبارك وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110], وربط رسول الله عِزَّة الأمة وسيادتها بشكل مباشر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فقال : "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ, أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْ عِنْدِهِ, ثُمَّ لَتَدْعُنَّهُ فَلاَ يَسْتَجِيبُ لَكُمْ"([3]).

بل وجعل الله ترك هذه القضية الكبرى سببًا في لعنة الله وغضبه.. قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: 78, 79].

ومن هنا فتَرْكُ هذه الشعيرة الغالية يُعَرِّضُ الأمة لِلَّعنات والغضب, ولا يتحقَّق نصر في هذه الحالة, وهذا واضح جليٌّ في كتاب الله , وفي سُنَّة رسوله .

التوبة من الذنوب :
ليس هناك معنًى للعودة إلى الله مع الإصرار على الذنوب ولو صغرت, وليس هناك معنى لطلب النصرة في قضية فلسطين أو غيرها من القضايا, والأمة ما زالت أسيرة لشهواتها ورغباتها؛ ولذا فقد وجب على عموم الأمة أن يُقْلِعُوا فورًا عن كل معصية, وأن يندموا على ما اقترفوه من آثام, وأن يعزموا عزمًا أكيدًا على عدم العودة إلى هذه المعاصي, وأن يعلم الجميع أن ارتكاب المعاصي يُؤَخِّر النصر, ولا أدلَّ على ذلك من مقولة عمر لأمير جنده في القادسية سعد بن أبي وقاص([4]): "إنك ستقدم على أمر شديد؛ فالصبر الصبر على ما أصابك ونابك, تُجْمَع لك خشية الله, واعلم أن خشية الله تجتمع في أمرين: في طاعته واجتناب معصيته"([5]).

تطييب المال :
هو الحرص على أن يكون المال من الحلال الخالص, والابتعاد ليس عن الحرام فقط, بل عن الشبهات, وتجنُّب الربا بكل صُوَرِه, ونبذ الرشوة, والورع عن أموال الناس وأموال الدولة, وإنفاق المال في محلِّه, وإعطاؤه حقَّه, واليقين الكامل أن الذي رزقه هو الله , وأننا مستخلفون فيه, وأننا سنُسْأَل عنه: من أين اكتسبناه؟ وفيم أنفقناه؟ وأن الجيوش المنتصرة لا تُجَهَّز إلا بمال حلال صرف, وأن المال الفاسد يُؤَخِّر النصر بل يمحقه, والله طيب لا يقبل إلا طيبًا.

تدريب النفس على الرضا بقضاء الله وقدره :
فما شاء الله كان, وما لم يشأ لم يكن, والله لا يُقَدِّر إلا خيرًا, والعين قد تظنُّ في الأمر شرًّا, ولكن يجعل الله فيه خيرًا كثيرًا؛ قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216], ونصر الله ينزل على الراضين بحكم الله, المطمئنين لاختياره, أمَّا الساخطون والناقمون فلا مكان لهم في معادلة النصر.

عدم موالاة أعداء الله :

ولا نقصد بأعداء الله اليهود فقط, بل كل من عادى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها, ورُبَّ موالاة لعدو في مكان أورثت المسلمين هزيمة في مكان آخر, فموالاة أعداء الله علامة على ضعف الإيمان, وفساد العقيدة, ولا يتحقَّق نصر أبدًا في هذه الحالة, ولا عذر لمن يقول: إن الغلبة مع أعداء الله, وإن القوة في أيديهم. فهذه ليست مبررات صالحة, وقد ذكر الله فساد هذه الرؤية في أكثر من موضع في كتابه الكريم؛ ومن ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة: 51, 52], فالفتح الذي سيمنُّ الله به على المؤمنين لن يكون إلا لمن تجرَّد في ولائه لله .

دوام مطالعة سير الصالحين :
بدءًا من الأنبياء الكرام, ومرورًا بالصحابة والتابعين والعلماء والمجاهدين, ورموز الأمة وقادتها, وانتهاءً بنماذج الإسلام الرائعة في العصر الحديث, فقراءة سير هؤلاء الأخيار تبعث في النفس الأمل, وتُثِير النشاط, وتُحَرِّك الحمية, وتُنير الطريق, وتفتح للمسلمين آفاقًا واسعة من العمل والجهاد, وتشرح لهم المناهج العملية للنصر, والطرق الأكيدة للخروج من الأزمات, وللتغلُّب على العوائق, وتزيل بشكل سلس كل الشبهات من نفوس المتشككين, وتزرع مكانها يقينًا وعزيمة؛ قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90].

الزهد في الدنيا والتخفف من أحمالها :
فالقلب المتعلِّقُ بالدنيا لا يسعى بجدٍّ وإخلاص إلى تحرير الأوطان السليبة, ولا يهدف إلى تحقيق المعاني الكريمة, إنما يعيش لنفسه فقط؛ يبحث عن طعام وشراب, ودنيا وسلطان, بل ويبحث عن لهو وترف, وهذا لا يمكن أن يأتي بنصر.. إننا قد رأينا جميعًا أن الدنيا عندما دخلت في قلوب الصحابة في يوم أُحُد أُصِيبوا إصابة بالغة, وقال ربنا I موضحًا لنا بيت الداء: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ} [آل عمران: 152], وكذلك أوضح لنا رسول الله الأزمة التي نعيش فيها الآن بقوله: "يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا".

(أي يدعو بعضُها البعض ليأكلوا من أمة المسلمين), قال قائل: ومِنْ قِلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: "أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ (مليار وثلث مليار), وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ, يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ, وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ". قالوا: وما الوهْن يا رسول الله؟ قال: "حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ"([6]).

فالمعادلة واضحة إذًا, وإخراج الدنيا من القلب شرط أكيد لتحقيق النصر, وكلُّ أمجاد المسلمين لم تتحقَّق إلا على أيدي رجالٍ أَخْرَجوا الدنيا تمامًا من قلوبهم, وإن شئتم فراجعوا سير الصحابة والتابعين, وادرسوا بعمق صفة حياة المجددين من أمثال نور الدين محمود([7]), وصلاح الدين الأيوبي([8]), وقطز([9]), وغيرهم من عمالقة الإسلام.

التذكُّر الدائم للموت :
وهو نتيجة طبيعية للزهد في الدنيا, وتذكُّر الموت ليس أمرًا كئيبًا سلبيًّا, بل هو اتباع لسنة الرسول الأكرم الذي قال: "أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ([10])"([11]). يَعْنِي الْمَوْتَ؛ فهذا يُساعد على مداومة حساب النفس, واستمرارية الاستعداد ليوم الرحيل, والتوبة من الذنوب, والإقبال على الله, والامتناع عن الظلم بشتَّى صوره؛ وتذكُّر الموت يكون بقراءة القرآن, وتدبُّر السُّنَّة, وزيارة القبور, وتشييع الجنائز, وعيادة المريض, وقراءة كتب الرقائق, وسماع موعظة الصالحين.

حضور مجالس العلم :
وهذه المجالس من أبلغ وسائل النصر؛ لأن العلماء هم قادة الأمة ومُحَرِّكُوها, وعندهم الحلُّ الأمثل لمشاكل الأمة وأزماتها, ودوام حضور مجالس العلم يقي المسلم من الزلل, ويحفظه من الخطأ, ويُبَصِّره بالشريعة, ويُفَقِّهه في الدين, ويضع قدمه على الصراط المستقيم, وليس كل هذا فقط, بل وتكون هذه المجالس سببًا في تنزُّل السكينة والرحمة على المؤمنين, وطريقًا إلى مغفرة الله ورضوانه, وهذا كله مطلوب لتحقيق النصر, وتحرير فلسطين, وغيرها من بقاع العالم الإسلامي السليبة.

التوجه إلى الله بالدعاء في كل الأوقات :
فالدعاء من أقوى أسلحة المؤمنين في حربهم مع الكافرين, وليس الدعاء شيئًا سلبيًّا, ولا يُقَابِل الأخذ بالأسباب؛ كيف وهو لا يُرْفَع إلا بالعمل الصالح! يقول تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10], ولو تَرَك المؤمن الأسباب, واكتفى بالدعاء؛ فهو متواكل, لا تُرجى له إجابة.

والدعاء -كذلك- ركن أساس من أركان النصر, وسببٌ أكيد من أسباب التمكين؛ ما تركه رسولُ الله أبدًا, وما يأس منه قط مهما تأخَّرت الإجابة, ومهما طال الطريق, ومهما عَظُمَ الخطب, وكان أشدَّ ما يكون دعاءً ورجاءً وخشوعًا وابتهالاً عند مواقف الضيق والشدَّة؛ يفزع إلى ربه, ويطلب عونَه, ويرجو مددَه وتأييدَه.. في بَدْرٍ.. في أُحُد.. في الأَحْزَاب.. في كل أيامه .

وفلسطين.. تحتاج إلى دعاءٍ لا ينقطع, وتحتاج إلى رجاءٍ لا يتوقَّف؛ فكم من بلاء لا يرفعه إلا الدعاء! وكم من تخطيط لا يُحبطه إلا الدعاء! وكم من نصر لا يُنَال إلا بالدعاء! {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].

وليس معنى الدعاء أن نترك العمل؛ فلا يستقيم أن يرفع المسلمون أيديهم إلى الله يدعونه أن يُعيد إليهم فلسطين, وأن يرفع عنها البلاء.. وهم لا يُقَدِّمون عملاً, ولا يركبون خيلاً, ولا يرفعون سيفًا, ولا يتمسَّكُون بقرآن, ولا يحفظون سُنَّة, ولا يُنتجون غذاءهم ودواءهم وسلاحهم, ولا يُحَكِّمُون شرع الله في حياتهم.

وبعد كل ما ذكرناه من أدوار داخل هذا الواجب الرئيس, أعود وأؤكِّد أن هذا في اعتقادي هو أعظم أدوار الأمة مطلقًا, وهو الدور الذي إن لم يُفعل فإن كل شيء بعده سيُصبح لا وزن له ولا قيمة؛ لأن النصر لا يأتي من طريق آخر غير طريق الله , وقد قال تعالى: {وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 126], [الأنفال: 10].

([1]) ابن هشام: السيرة النبوية 5/24, والطبري: تاريخ الأمم والملوك 2/150, وابن عساكر: تاريخ دمشق 28/124, والذهبي: تاريخ الإسلام 2/481, وابن كثير: البداية والنهاية 4/ 277.

([2]) الحاكم عن أبي هريرة: كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين, من كتاب آيات رسول الله التي هي دلائل النبوة (4221), وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. والبيهقي في سننه الكبرى (20571), وقال الألباني: صحيح. انظر: السلسلة الصحيحة (45).

([3]) الترمذي: كتاب الفتن, باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (2169) وقال: هذا حديث حسن. وأحمد (23349), وقال الألباني: حسن. انظر: صحيح الجامع (7070).

([4]) سعد بن أبي وقاص بن وهيب الزهري, أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وآخرهم موتًا, انظر: ابن الأثير: أسد الغابة 2/433.

([5]) الطبري: تاريخ الأمم والملوك 2/ 382, 383, وابن كثير: البداية والنهاية 7 /36.

([6]) أبو داود: كتاب الملاحم, باب في تداعي الأمم على أهل الإسلام (4297), وأحمد (22450), وقال شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.

([7]) نور الدين محمود: هو أبو القاسم نور الدين محمود بن زنكي (عماد الدين) ابن آق سنقر (511- 569هـ=1118- 1174م), الملقب بالملك العادل, ملك الشام وديار الجزيرة ومصر, وهو أعدل ملوك زمانه وأجلهم وأفضلهم. انظر: الذهبي: سير أعلام النبلاء 20/531- 538. وللاستزادة عن نور الدين محمود, انظر: عماد الدين خليل: نور الدين محمود.. الرجل والتجربة, دار القلم, ط1, دمشق 1400هـ. وانظر أيضًا: بسام العسلي: نور الدين القائد, سلسلة مشاهير الخلفاء والأمراء, دار النفائس, بيروت, 1408هـ.

([8]) صلاح الدين الأيوبي: هو أبو المظفر يوسف بن أيوب (صلاح الدين), وُلد في تكريت سنة 532هـ = 1138م, كان من قادة جيوش الملك العادل نور الدين محمود زنكي, ثم خليفة للملك العاضد ملك مصر سنة 1171م, ثم سلطانًا على مصر وسوريا بعد موت نور الدين سنة 1174م, وقضى على الخلافة الفاطمية الشيعية في مصر, ثم أخضع شمال العراق واليمن والحجاز, وهزم الصليبيين في عدة معارك أشهرها حطين سنة 1187م, توفي صلاح الدين بالحمى في دمشق (27 صفر 589ھ = 3 مارس 1193م) ودفن هناك.

للمزيد عن صلاح الدين الأيوبي, انظر: محمد رجب البيومي: صلاح الدين الأيوبي.. قاهر العدوان الصليبي, سلسلة أعلام المسلمين (70), دار القلم, دمشق 1418هـ. وانظر أيضًا: بسام العسلي: صلاح الدين الأيوبي, سلسلة مشاهير قادة الإسلام (9), دار النفائس, بيروت 1414هـ.

([9]) سيف الدين قطز: هو محمود بن ممدود قطز بن عبد الله المعزي (سيف الدين), ابن أخت السلطان جلال الدين خوارزم شاه, لمع نجمه بعد وفاة الملك عز الدين أيبك ووصايته على نور الدين أيبك الذي ملك البلاد بعد أبيه, ثم أعلن نفسه سلطانًا على مصر في (24 ذي القعدة 657هـ = 12 نوفمبر 1259م), والتقى بجيش المغول يوم الجمعة الموافق (25 رمضان 658هـ = 3 سبتمبر 1260م) عند عين جالوت من أرض فلسطين, وأثناء عودة الجيش إلى مصر في (26 شوال 658هـ = 4 أكتوبر 1260م), قتله الأمير بيبرس البندقداري بالتعاون مع مجموعة من أمراء الجيش.

للمزيد عن قطز, انظر: قاسم عبده قاسم: السلطان المظفر سيف الدين قطز بطل معركة عين جالوت, سلسلة أعلام المسلمين (71), دار القلم, دمشق 1419هـ. وانظر أيضًا: بسام العسلي, المظفر قطز ومعركة عين جالوت, سلسلة مشاهير قادة الإسلام (10), دار النفائس, بيروت 1423هـ.

([10]) هاذم اللذات: بمعنى قاطعها, والمراد الموت, وهو إما لأن ذكره يُزْهِد فيها, أو لأنه إذا جاء ما يبقى من لذائذ الدنيا شيئًا. انظر: حاشية السندي على النسائي 4/4.

([11]) الترمذي: كتاب الزهد, باب ما جاء في ذكر الموت (2307), وقال: حديث حسن. والنسائي (1824), وابن ماجه (4258), وأحمد (7912), وابن حبان (2992), وقال الألباني: حسن صحيح. انظر: صحيح الجامع (1210).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://saidabdallah.yoo7.com
 
العودة إلى الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» متعب يلجأ للدكتور راغب السرجاني من أجل العودة للملاعب
» الجهاد في سبيل الله
» لماذا نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
» يا الله ما لنا غيرك يا الله !
» عبد الله عزام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
احرار الاسلام :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: فلسطين :: واجبنا تجاه فلسطين-
انتقل الى: