[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
للأصدقاء بصمات في حياتنا، فحبهم في قلوبنا وصلتنا العميقة الدائمة معهم تدفعنا إلى التأثر بهم، سواء كان ذلك في سلوكياتنا أو طريقة تفكيرنا ونظرتنا للحياة ولكل شيء من حولنا، تمامًا كما يختصر المثل القائل: "الصاحب ساحب"، فإما أن يسحبنا أو يصحبنا معه إلى طريق الخير والصلاح أو طريق الشر والفساد.
طريق الهداية
تضرب قصة السريلانكية سلمى مثالاً حيًّا لأهمية الأصدقاء الصالحين في حياة المرء، حيث أراد أصدقاء سلمى أن ينيروا طريق الحياة لصديقتهم المسيحية عبر دعوتهم لها بالحسنى لتعتنق الإسلام، حتى شرح الله صدرها على أيديهم، وباتت مسلمة تحب الإسلام، وتحمد الله على أن هداها له.
وتلخص سلمى، الشابة الثلاثينية، قصتها مع الإسلام والأسباب التي دعتها إلى اعتناقه، فتقول: "أتيت إلى دبي منذ سنتين ونصف لأعمل موظفة مبيعات في أحد المحال التجارية، ورزقني الله زملاء صالحين في العمل، أخذوا بين وقت وآخر يحدثونني عن الإسلام، ويشرحون لي طبيعة هذا الدين، وإلى ماذا يدعو، وما هي أركانه، وكيف كرّم المرأة ووصى بها الرسول محمد عليه السلام، وغيرها من أمور الدين".
وتضيف: "دعموا كلامهم بكتب تتعمق في إبراز حقيقة الدين الإسلامي، وكيف أن القرآن الكريم علاج للروح والبدن ودستور لحياة البشرية، ولو أنها طبقت ما فيه لعاشت بسعادة ودعة وسكينة، فشدتني هذه الكتب المترجمة إلى اللغة الإنجليزية، وفتحت لي بابًا لم أستطع إغلاقه؛ إذ أرغمتني على التفكير والسؤال والبحث في الإنترنت، لأجد المزيد عن دينٍ لا يملك من يعرفه جيدًا إلا أن يحبه. أحببت كل صغيرة وكبيرة قرأتها عن الإسلام، ونما في داخلي شعور ورغبة في أن أسلم، لكنها كانت رغبة ممزوجة بالتردد".
محاضرات تثقيفية
تقول سلمى: "شاءت إرادة الله سبحانه أن يرسل رسالته الثانية لي، والتي كانت على لسان صديقتي الفلبينية المسلمة التي تشاطرني غرفتي في السكن الخاص بالمغتربات، حيث عمدت ذات مرة إلى دعوتي لأذهب معها لحضور محاضرة دينية في المركز الإسلامي في الكرامة، فوافقت دون تفكير، وكأن نفسي تريد أن تعرف وتسمع المزيد عن الإسلام وجماله وعظمته. وفعلاً ذهبنا معًا إلى هناك، واستمعنا لمحاضرات عن سيرة المصطفى عليه السلام وأصحابه".
وتضيف سلمى: "داومتُ على الذهاب مع صديقتي إلى المركز لحضور محاضرات تثقيفية عن الإسلام، وبعد ثالث محاضرة حضرتها قررت أن أصبح مسلمة حيث نطقت الشهادتين في نفس المركز، وذهبت بعدها إلى دائرة الشئون الإسلامية والعمل الخيري في دبي؛ لأحصل على شهادة اعتناق للإسلام".
عام واحد مضى على اعتناق سلمى الإسلام، تعلمت خلاله كيفية الوضوء والصلاة وقراءة القرآن المترجم إلى اللغة الإنجليزية، ولم تحفظ بعد سوى سورة الفاتحة حيث تجد صعوبة شديدة في حفظ السور القصار باللغة العربية، لكنها تدرِّب نفسها شيئًا فشيئًا على أداء العبادات المفروضة عليها، فتعلُّم دين جديد مثل الإسلام لا يمكن أن يكون بين ليلة وضحاها، بل الأمر يتطلب التدرج والصبر وجهاد النفس وتربيتها على الالتزام بالأوامر الربانية واجتناب النواهي والمنكرات.
القدرة على الصيام
تشير سلمى إلى أنها قبل أن تسلم صامت مع المسلمين في شهر رمضان الفضيل من العام الماضي؛ وذلك لأنها قرأت أن الصوم ركن من أركان الإسلام الخمسة التي ينبني إسلام المسلم عليها؛ فخافت ألا تستطيع الصوم بعد أن تسلم. لكنها اكتشفت بعد أن جربت الصوم أنه ليس كما كانت تتوقع بأنه صعب، وأنها لن تتحمل البقاء لساعات طويلة من النهار دون أكل أو شرب، ما شجعها على اعتناق الإسلام، وإزالة التردد والخوف من تفكيرها.
كما أوضحت أنها التزمت تمامًا بصيام شهر رمضان الفضيل، ووصفته بأنه "فرصة لنفكر بالفقراء ونتصدق عليهم ونساعدهم، وفرصة لنجدد إيماننا وصلتنا بالله سبحانه، ونعاهده على أن نتوب عن أخطائنا ومعاصينا".
ارتدت سلمى الحجاب، وصارت أكثر اتزانًا والتزامًا في تصرفاتها وعلاقاتها مع الناس، وتعرف كيف تضبط نفسها وعواطفها وانفعالاتها، وتتحلى بالصبر والهدوء قدر المستطاع، حيث ذكرت أنها تعمل على أن تتخلق بأخلاق الرسول محمد -عليه السلام- سواء في الصبر أو الحلم أو التواضع.
اعتبر أهل سلمى اختيار ابنتهم للدين الإسلامي أمرًا شخصيًّا لا يغضبهم بقدر ما كان سيغضبهم لو ارتكبت سلوكًا خاطئًا، حيث قال لها والداها بعد أن لمسا تغير ابنتهما ومضاعفة ودّها لهما وبرّها بهما: "لم نغضب وقد تغيرتِ للأفضل". فتفاجأت وفرحت في نفس الوقت؛ لأن كلامهما مؤشر إيجابي حول إمكانية أن تبدأ معهما رحلة الإقناع التي ستنتهي بإسلامهما إن شاء الله تعالى.
المصدر: جريدة الاتحاد.