[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
"بدأت في ممارسة شعائر الدين الإسلامي، وأنا في العشرين من عمري، وأنا سعيد جدًّا على نعمة الإسلام".
هكذا عبر النجم المالي فريدريك عمر كانوتي (Frédéric Oumar Kanouté) لاعب نادي إشبيلية الإسباني عن سعادته الكبيرة وفخره الشديد لانتمائه للدين الإسلامي، وذلك قبل أيام من افتتاح كأس الأمم الإفريقية الأخيرة في أنجولا، ويرفض كانوتي أيضًا الإفطار في شهر رمضان، برغم أن الدوري يكون في ذروته، كما يرفض ارتداء أي قميص توجد عليه شعارات لشركات تتاجر ببضائع محرمة، مثل المشروبات الروحية وغيرها.
اعتنق الإسلام بعدما تذوق حلاوته
أكد المهاجم الدولي المالي عمر كانوتي أنه قرأ كثيرًا عن تعاليم الإسلام، وقيمه الإنسانية، وأخلاقه الحميدة، وأنه ذاق حلاوته ولم يعتنقه عن جهل، إنما بعد حب كبير وإيمان صادق.
وقال كانوتي: "لم أدخل الإسلام دون أن أفهمه؛ فقد اطلعت كثيرًا على عدة مراجع، وقرأت لكل الديانات وليس الإسلام فقط، حتى اقتنعت بالإسلام".
وأضاف "لقد سافرت كثيرًا، وبالخصوص إلى مالي؛ للتعرف على المسلمين عن قرب، وعاشرت إخوة مسلمين في ليون، وبالتالي فقد استفسرت كثيرًا قبل اتخاذ هذا القرار، الذي اعتبره بمنزلة تحولٍ كبير في حياتي".
سفير الإسلام
يفضل كانوتي أن يطلق عليه اسم "عمر"، وقد أعلن أكثر من مرة أنه معجب بشخصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ لذلك أحب أن يُسمَّى باسمه. كما أنه دائم التردد على الديار الحجازية، وقام بأداء العمرة أكثر من مرة، وينوي أداء فريضة الحج متى سنحت الفرصة لذلك.
وقد تبنى العديد من المشاريع الخيرية في مالي، وخاصة تلك التي تهتم برعاية الأطفال، ليؤكد أنه خير سفير وممثل للإسلام في ساحات الملاعب بأخلاقه العالية، وإيمانه، وحرصه على إظهار سماحة الدين الإسلامي.
عمر كانوتي .. مواقف مشرفة
يُعرف عن كانوتي الذي يبلغ من العمر (32 عامًا) التزامه الديني، منذ إعلان إسلامه عام 1999م. وعلى سبيل ذلك، اتخذ مواقف عبرت عن حرصه الشديد على عدم فعل ما يغضب ربه، فرفض لبس قميص نادي إشبيلية، الذي عليه اسم راعي القميص وهي شركة (888.com)، وهي شركة تروج لشركة "قمار" وهي محرمة في الدين الإسلامي.
ولذلك قررت إدارة نادي إشبيلية السماح لكانوتي بلبس القميص من دون وجود اسم الراعي؛ مما حدا بشركة المراهنات للتبرع لصالح جمعية خيرية إسلامية؛ لإقناع كانوتي بالعدول عن رأيه.
لم يعجب هذا التصرف بعض وسائل الإعلام الإسبانية، فشنت عليه هجومًا حادًّا، واتهمته بالتزمت والانغلاق، كما اعتبرت سجوده بعد تسجيل أي هدف بمنزلة رمز ديني، لا ينبغي أن يحدث في ملاعب كرة القدم. فساهم هذا الأمر بخلق حالة من الكراهية له بين جماهير النادي، وكان أن اشتبك مع أحد الصحافيين عقب مباراة جمعت فريقه مع ريال مدريد في إحدى مباريات الدوري، وسجل فيها هدفًا قاد به إشبيلية للفوز. فقد سأله الصحافي بتهكم لا يخلو من السخرية: "ماذا تعرف عن الدين الإسلامي الذي تعتنقه؟ وهل تعتبر سجودك بعد تسجيل الأهداف أمرًا مقبولاً؟".
فما كان من كانوتي سوى الرد بحدة قائلاً: "أنت صحافي جاهل، ولا تعرف شيئًا عن الإسلام"، ودخل بعد ذلك إلى غرفة تغيير الملابس دون أن يدلي بتصريحات أخرى.
وقال بعد الواقعة للصحف الإسبانية: "عندما يسألك مغفل مثل هذا السؤال، فردك سيكون قاسيًا حتمًا، فهو لا يعرف الدين الإسلامي، وما يحمله من معانٍ سامية ورحمة، وفوق ذلك يسأل بتهكم وسخرية عن معرفتي بهذا الدين".
وحاولت إحدى شركات العقار الإسبانية إزالة مسجد في مدينة إشبيلية بحجة أن عقد الأرض التي يقع عليها المسجد قد انتهى، وبالتالي فقد بات من حقها استخدام المسجد لأي مشاريع أخرى غير دينية. وفور وصول الخبر إلى كانوتي عن طريق جماعة من المسلمين الذين يقطنون إشبيلية، لم يتوان عن شراء هذه الأرض لمنع إزالة المسجد، حيث دفع نصف مليون دولار لشراء الأرض.
وأشار كانوتي المحترف في صفوف فريق إشبيلية الإسباني، إلى أن قيامه بشراء مسجد للمسلمين في مدينة إشبيلية وترميمه، كان واجب عليه ولم يكن مجبرًا لفعل ذلك، لافتًا إلى أن الأمر كان يحتم عليه فعل أي شيء؛ للسماح للعديد من المسلمين بمواصلة أداء صلواتهم في مسجدهم.
تضامنه مع القضية الفلسطينية
كانوتي الذي اعتنق الإسلام وهو في العشرين من عمره، فقام بعد تسجيله هدف الفوز على نادي ديبورتيفو لاكورونيا في ذهاب دور ربع النهائي لكأس إسبانيا العام الماضي بالكشف برفع قميصه ليكشف عن "فلسطين" مكتوبة بعدة لغات، وفور قيامه بهذا العمل الرائع تلقى كانوتي بطاقة صفراء بفرحة غامرة ورحابة صدر استثنائية، كما نال التحية من زملائه المحترمين.
وشدد كانوتي على أن مساعدته لأطفال غزة وتنديده بالعدوان الصهيوني، كان بمنزلة مبدأ وعقيدة، معتبرًا أن ما فعله كان طبيعيًّا، على غرار ما فعله المتظاهرون في كل أنحاء العالم، مسلمين كانوا أم لا، عندما أعلنوا مساندتهم للفلسطينيين".
وأوضح مهاجم اشبيلية أن القضية الفلسطينية لها بُعد أكثر من ديني؛ فهي قضية عدالة إنسانية، والكل مطالب بالتعبير عن موقفه، وعلى هذا الأساس كان من واجبي التنديد بالظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون.
وكانت آخر أعمال كانوتي، ذلك القرار الذي اتخذه بإنشاء سلسلة مطاعم "حلال" في أكثر من دولة أوربية، حيث إن جميع ما ستقدمه هذه السلسلة هي الأطعمة والمشروبات المباحة تبعًا للدين الإسلامي.
وقد جاءت فكرة كانوتي بعد أن وجد تعصب شديد للمسلمين في أوربا، إضافة للمعاناة التي يعانونها في تلك الجزئية بالذات، خاصة وأن معظم المطاعم في تلك الدول تعتمد على أسلوب كهربة الحيوانات والطيور، كما أن كثيرًا من الأطعمة يكون لحم الخنزير والخمور من ضمن مكوناتها.
ولم يَعُق التزام كانوتي المولود في فرنسا، والمتزوج من فاطمة ولديه منها طفلان "إبراهيم وإيمان" أن يتألق ويحافظ على نجوميته؛ ففي 2 فبراير عام 2008م تم اختيار كانوتي أفضل لاعب كرة قدم إفريقي، وبالتالي أصبح أول لاعب مولود خارج القارة الإفريقية يحصل على هذه الجائزة.
المصدر: جريدة الدستور - العدد رقم 15058 - الجمعة 1 جمادى الأولى 1431هـ الموافق 16 إبريل 2010م.