[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
عشية التصويت في مجلس الأمن على قرار أممي يتوقع أن يقود إلى اهتزاز معنوي لنظام السفاح بشار الأسد، بلغت المجازر في سوريا حدًّا لا مثيل له، مع استشهاد المئات، وإصابة نحو ألف في مدينة حمص وحدها، بخلاف المدن والبلدات السورية الأخرى التي تشهد تحديًا متناميًا للعصابة الحاكمة في دمشق.
الاهتزاز المعنوي لا يضاهيه الارتجاج الزلزالي الذي يحدثه الثوار الأحرار في سوريا، والذين يبادرون إلى إحداث خروق واسعة في جدار التحدي السلطوي للزحف الثوري الحر على معاقل الرئيس السوري الأخيرة، في معركة استنزاف ممنهجة وعبقرية بدأت تؤتي ثمارها مع انفجار الأوضاع في مجمل المدن والبلدات والريف السوري.
نكتب هذه السطور في الحقيقة، ومساجد سورية كثيرة جدًّا تجأر بالدعاء، وخلفها مساجد في عدد من بلدان العالم العربي، وأصوات التكبيرات تصعد إلى سماء إدلب وحمص وحماة ودرعا، مع أعنف موجات العنف الطائفي الذي يديره النظام الصهيوني في دمشق.
ونكتبها، وأوكار الجواسيس/السفارات السورية في أكثر من بلد أوربي وعربي تُقتحم من قِبل الثوار، وترفع عليها أعلام الاستقلال قبل أن تتدخل الشرطة لإعادة الأمور إلى سابق عهدها من تسلُّط أذناب بشار على تلك السفارات..
ونكتبها، والثورة المسلحة لم تعد حكرًا على المنشقين على جيش العار، بل صارت همًّا شعبيًّا تتنوع أدواته وإبداعاته حتى تتشتت أنظار البغاة، والانشقاقات خلال الأربع والعشرين الماضية تتحدث عنها الأنباء أنها قد صارت كبيرة ومتنوعة وممتدة في كل مساحة سوريا، وأصحاب الرتب العالية باتوا يقلبون النظر في قرارهم بالاستمرار مع نظام بشار، مترددين فيمن يرونه "الفرس الرابح" في المعركة لينحازوا إليه، إن لم ينشقوا لأسباب أخلاقية!
والانفجارات تتوالى، والشعور بأمن النظام يتآكل بسرعة، وحساباته أصبحت طائشة، ويعبر عن غبائها واضطرابها في تلك اللحظة بالذات التي يهدد فيها النظام بتدخُّل ما دولي، بتصعيد غير مسبوق بقصف الخالدية بحمص، بعد أسر جنود لها فيها، وسيطرة على أحياء عدة بها لفترات ليست قصيرة، ومع تشكيل لواء أحرار حلب لأول مرة إيذانًا بدخولها خط المقاومة المسلحة؛ فالنظام قد بات محشورًا في زاوية ضيقة، موضوع بين خيارين أحلاهما مُرّ..
فإمَّا ترك الخرق يتسع عليه مع محدودية رد فعله العسكري، وهو أمر مستحيل، حتى على طريقة تفكيره أن يتفهمه. وإمَّا أن يصعِّد فيستدعي انشقاقات أكبر، ويعبِّد الطريق نحو قرارات دولية، وهو في الحالين يحرق أوراقه، وهو لفرط دمويته اختار المسار الثاني؛ إما "مضطرًّا" أو مقلدًا للنظام نفسه إبان حكم الراحل حافظ الأسد الذي ارتكب مجزرة بشعة في حماة أودت بحياة نحو 70 ألفًا من مواطنيه، والتي تحل ذكراها في هذا التوقيت بالذات؛ ليمنح الثورة السورية زخمًا عاليًا، وقدرة أعلى على الصمود والتحدي.
وقبل ثلاثين عامًا، كان الإخوان وحدهم في تلك المعركة، وخسروها لضعفهم حينها، لكنهم الآن جزء من سياق وطني عام، وثورة عارمة ممتدة، وقوة إعلامية وسياسية غير مسبوقة..
واليوم، يحرق النظام منزله بنفسه، وتبدو الثورة السورية ذات الرقعة الجغرافية الممتدة، العصيَّة على الاندحار - ماضية في طريق النصر، ولا تبدو عصابة بشار قادرة على الوقوف في وجه هذا الزحف الهادر.
المصدر: موقع المسلم.