[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
بعد خمسة شهور من التضحيات, وسقوط أكثر من ألفي مدني -إلى جانب نحو 400 جندي من الجيش والأمن- واعتقال عشرات الألوف من الرجال والنساء والأطفال؛ ما زال السؤال ذاته يتكرر كل يوم حول مآلات الثورة السورية ومصير النظام الأسدي الذي يحكم البلاد منذ أكثر من أربعين سنة.
لم يتوانَ المحللون والكتاب عن وضع العديد من السيناريوهات منذ بدء الاحتجاجات في منتصف مارس/ آذار الماضي, وكان من الطبيعي افتراض تنحي الرئيس بشار الأسد -كأحد السيناريوهات المحتملة- كما فعل بن علي ومبارك من قبل, وربما جاء توقع هذا الخيار نتيجة للانطباع الذي يتركه الأسد لدى الآخرين لدماثته وهدوء شخصيته وخلفيته العلمية والمدنية التي عُرفت عنه قبل أن يُزجَّ به في الجيش والحكم. كما ترددت أنباء تدعم هذا الاعتقاد حول تصريح الأسد نفسه للمقربين, وفي بعض الحوارات التي قيل إنه أجراها مع فئات من الشعب حول استعداده للتنحي عندما يعلن الشعب أنه لا يريده رئيسًا.
وسواء كان الرئيس نفسه مسئولاً عما يجري من قتل وتعذيب, أو كان مجرد واجهة لعائلته التي تستبد بالحكم والقمع, فإن قدرته على اتخاذ القرار الجريء بالتنحي ستكون مرهونة بتوسُّع الاحتجاجات إلى الحد الذي لا يمكن إسكاته, بحيث تقرع هتافات "ارحل" أركان قصره المتربع على قمة جبل قاسيون بدمشق.
كما يتطلب سيناريو الرحيل انشقاقًا كافيًا في صفوف حرسه الجمهوري وبقية الفرق والقوى التي يعتمد عليها نظامه العسكري, فضلاً عن نشاط دبلوماسي وضغط دولي وموجة استقالات واسعة في أركان حكومته ودبلوماسييها في الخارج, وهو ما لم يحدث منه شيء يستحق الذكر حتى الآن. كما يُفترض أن يضمن الأسد خيارًا مريحًا وغير مهين له ولأسرته في اللجوء إلى دولة أخرى تحميه من الثوار ومن سلاسل المحكمة, وهو أيضًا خيار غير مضمون في ظل محاكمات مبارك الجارية أمام مرأى العالم أجمع.
من جهة أخرى, ما زال الحديث حتى الآن يدور حول تعجب الكثيرين من عدم استفادة النظام مما جرى في تونس ومصر بالمسارعة إلى الإصلاح, غير أني أرى أن النظام استفاد بالفعل مما جرى هناك ولكن حسب طريقته هو؛ فالنظام السوري يعلم جيدًا أنه أقام قواعد حكمه ووجوده على الوحشية والقمع والاستبداد بكل مقاليد السلطة, وأنه ملأ قلوب الشعب بالكراهية والحقد, مما يجعل التخلي عن القمع بمنزلة الاعتراف بأخطاء الماضي الفادحة، ومن ثَمَّ تعريض رموز الاستبداد إلى المساءلة في ظل الإصلاح المرتقب؛ لذا فإن الدرس الذي استفاده النظام من تجارب الآخرين هو اللجوء السريع والفوري إلى القمع قبل أن يسيطر الثوار على الساحات العامة كما في تونس والقاهرة.
ومن اللافت أن ما وصل إليه الحال الآن لم يكن ليخطر على بال الشعب السوري قبل بضعة شهور فضلاً عن قيادته؛ فالرئيس الأسد نفسه لم يتردّد في التباهي قبل أسبوعين فقط من بدء الاحتجاجات في منتصف مارس/ آذار بأن ما جرى في تونس ومصر لا يمكن أن ينتقل إلى سوريا, مؤكدًا لمراسل صحيفة (وُول ستريت جورنال) أن الشعب السوري لن يثور "لأن النظام ينفِّذ رغباته", وذلك انطلاقًا من فهم الأسد الخاص لرغبات الشعب وهي سياسة "المقاومة" ضد الولايات المتحدة وإسرائيل ولا شيء آخر, حيث تعتاد الأنظمة الشمولية على التحدث بألسنة الشعب والتفكير عنها بما يمكن أن ترغب فيه.
هذا الموقف لم يتغير كثيرًا حتى بعد اندلاع الاحتجاجات التي واجهها النظام العائلي الأسدي بالقمع الوحشي؛ إذ أعاد الرئيس موقفه المطمئن والمستهتر في حديثه لصحيفة الوطن السورية قبل أيام من جمعة الحرية, وقال: إن الأزمة أوشكت على الانتهاء بعد الحملة الأمنية الشاملة التي تقوم بها قواته على أكمل وجه, علمًا بأن هتافات المحتجين لم تكن تتعرض في البداية لإسقاط النظام لعدم جرأة السوريين على هذا الخطاب الأشبه بالتجديف في حق المقدسات, لكن الاستهتار بدماء الشهداء وبمطالب الشعب المشروعة وتجاهل الإعلام الرسمي لآلاف المحتجين في الشوارع, وكأنه لا وجود لهم ثم تشويه خطابهم وانتماءاتهم لتصبح الثورة مجرد أعمال تخريبية يقوم بها إرهابيون؛ كل هذا دفع الناس إلى كسر حاجز الخوف والتصعيد في الخطاب وردود الفعل في آنٍ معًا.
بناء على ذلك؛ لم يعد سيناريو الإصلاح والحوار مجديًا في نظر الكثيرين, حتى لدى أولئك الذين بذلوا جهودًا مضنية لإمساك العصا من المنتصف في ظل تساقط الضحايا اليومي في شوارع المحافظات السورية كلها, ولم يجد المثقفون في الداخل أنفسهم بُدًّا من الانضمام إلى معسكر المطالبين صراحة بإسقاط النظام ورحيله, كما حدث مع مجموعة المثقفين والفنانين التسعة عشر الذين خرجوا الشهر الماضي للتعبير عن انضمامهم للمعارضة في حي الميدان بدمشق، فزُجَّ بهم في السجن وتعرض بعضهم للضرب المبرح, ليخرجوا بعد أيام ويعلنوا -وهم في انتظار موعد المحاكمة- أن الحل الوحيد للأزمة هو إسقاط النظام, علمًا بأن بعضهم كان قد شارك في مؤتمر المعارضة الأول بفندق سمير أميس الذي دعا إلى الحوار مع السلطة, وسط استنكار الكثير من الثوار في الشارع.
هذه المؤشرات تدفع المراقبين للاعتقاد بأن النظام السوري عاجز عن فهم المعادلة الدولية, وإدراك حقيقة أن الانتفاضة التي تجري اليوم هي جزء من حركة الربيع العربي كله ولا تتحرك في فراغ, وأنها تؤثر وتتأثر بالمجتمع الدولي ومصالح القوى الكبرى والشركات متعددة الجنسيات ووسائل الإعلام العابرة للحدود عبر الفضائيات والإنترنت, مما يعني صعوبة قمعها بأساليب الأخوين حافظ ورفعت الأسد الوحشية في الثمانينيَّات, أو حتى على طريقة محافظي إيران إبان انتفاضة الإصلاحيين الخضراء قبل أن يستيقظ المحيط العربي في مطلع هذا العام, حيث يثبت تصعيد العنف اليومي تصعيدًا مقابلاً من طرف الثوار في الاستماتة والتمرد بدلاً من الخوف, وربما في حمل السلاح قريبًا للدفاع عن النفس من عصابات الموت التي تستبيح الدماء والأعراض وحرمة البيوت والمساجد.
وفي ظل هذه المستجدات, يبدو أن المآلات المتوقعة ستدور فقط بين طرق إسقاط النظام مع استبعاد أي أمل في بقائه، وقد ينحصر الأمر بين الاحتمالين التاليين:
1- استمرار النظام في التصعيد الوحشي -الذي دخل مرحلة جديدة عشية شهر رمضان المبارك- واضطرار الثوار إلى حمل السلاح للدخول في صراع قبلي- طائفي, وهو خيار حذّر منه روبرت فيسك مبكرًا في صحيفة (ذي إندبندنت) بعد نحو شهر فقط من اندلاع الاحتجاجات, فيما يتناقل البعض أخبارًا غير معلنة عن اضطرار الأهالي بالفعل في درعا وحمص وحماة إلى حمل السلاح وقتل العشرات من عناصر الأمن والشبيحة, وهناك بعض مقاطع الفيديو على موقع يوتيوب تؤكد ذلك.
وفي هذه الحالة؛ قد يطول أمد الثورة, ويبدأ نزيف الدم والقتل العشوائي في حرب أهلية, مما يدفع المجتمع الدولي للتدخل كما فعل في ليبيا, على الرغم من عدم رغبة الغرب في ذلك. وربما تلعب تركيا دورًا محوريًّا في التحالف العسكري بعد نفاد المهلة الجديدة التي أعلنها أردوجان عقب محادثات وزير خارجيته أحمد داود أوجلو مع الأسد في التاسع من شهر أغسطس؛ إذ تؤكد الأنباء عودة الدبابات إلى محاصرة حماة بعد مغادرة أوغلو البلاد, مما خيَّب أمل أردوجان الذي كان قد سارع إلى التفاؤل بخروجها من حماة واعتبارها بداية لانفراج الأزمة.
وعلى أي حال؛ قد لا يعني هذا الخيار -إن تمّ فعلاً- سقوط النظام بسهولة, وخصوصًا مع ضبابية الوضع الليبي[1], على الرغم من القصف الجوي المستمر على طرابلس بمقاتلات حلف الأطلسي, فضلاً عن الدعم العربي والدولي للثوَّار على الأرض؛ فالنظام السوري تعمّد منذ عهد حافظ الأسد إقامة ثكنات عسكرية ومستعمرات لأتباع طائفته في شتى أنحاء البلاد, وهي تلعب اليوم دورًا رئيسًا في السيطرة على الأحياء والبلدات المجاورة.
ويبدو أن الأهالي في بعض المناطق مستعدون للبدء في تهريب السلاح عبر الحدود والانتظام في ميليشيات مسلحة تستهدف أولاً السيطرة على المستعمرات الطائفية, غير أن المجتمع الدولي قد لا يتدخل لإنقاذ الشعب من الإبادة قبل أن يضع في الحسبان إقدام حزب الله وإيران على القيام بهجمات بديلة على الكيان الصهيوني أو أهداف في الخليج العربي للفت النظر وتحويل بؤرة الصراع إلى ساحات أخرى, كما سيتردّد الغرب طويلاً في خلخلة التوازن الذي أحدثه الأسد الأب منذ أربعة عقود مع جميع دول الجوار وعلى رأسها إسرائيل، بحيث يرتبط سقوطه بفوضى عارمة لن تكون في مصلحة الغرب نفسه.
إضافة إلى ذلك, تعترض خيار التدخل العسكري مشكلة أخرى وهي ضرورة موافقة مجلس الأمن الدولي, في حين تصر روسيا على عرقلة إصدار إدانة جدية للنظام الأسدي, وتصر وسائلها الإعلامية على ترديد الخطاب السوري الرسمي حول الجماعات الإرهابية التي تضرب على الوتر الحساس لدى الروس, كما سيكون من المستبعد تخلي روسيا عن حليف تاريخي لها في هذه المنطقة الاستراتيجية؛ إذ نبّه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي ميخائيل مارغيلوف بصراحة -مطلع هذا الشهر- من أن اتخاذ قرار بشأن سوريا يشبه القرار 1973 الخاص بضرب نظام القذافي بليبيا قد يؤدي إلى حرب شاملة, وبرر مارغيلوف موقف روسيا بالخوف من وصول "المتطرفين" إلى الحكم حتى عبر الانتخابات كما حدث في الجزائر وفلسطين حسب قوله, مما يعني ضرورة مساندة النظام الوحشي لمنع الديمقراطية من إيصال المعارضة "غير العلمانية" إلى سدّة الرئاسة!
بيد أن وحشية النظام السوري باتت محرجة لحلفائه أنفسهم, مما اضطر الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف لتحذير الأسد من أن عدم تنفيذ الإصلاحات العاجلة يعني أنه سيواجه "مصيرًا حزينًا", كما يتصاعد الضغط من داخل الولايات المتحدة على إدارة أوباما لاتخاذ موقف أكثر حزمًا؛ إذ قللت صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) من أهمية العقوبات الاقتصادية الجديدة على بعض مصارف وشركات النظام السوري, ودعت البيت الأبيض إلى استغلال الموقف السعودي الجديد من الأسد لإحداث سلسلة متوالية من الصدمات الخارجية وصولاً إلى إسقاط النظام. ولا ننسى أيضًا التصعيد التركي الجديد مع نفي أوغلو ما تردّد من أنباء حول إمهال تركيا للأسد أسبوعين آخرين لسحب قواته من المدن, مؤكّدًا, ضرورة سحبها وتنفيذ الإصلاحات فورًا, ومضيفًا: إذا لم تتوقف هذه العمليات فلن يبقى ما نقوله بخصوص الخطوات التي ستُتّخذ.
2- وإزاء سوداوية السيناريو الأول, يأمل الثوار في تحقيق أهدافهم بأقل الخسائر عبر انشقاق الجيش وتصدع النظام من الداخل على الطريقتين التونسية والمصرية, لكن هذا الخيار قد يبدو بعيد المنال في المستقبل المنظور؛ فالأسد الأب عمد إلى تشكيل قواته على طريقة الاحتلال الفرنسي في سوريا, حيث استقطبت سلطة الانتداب أبناء المناطق الفقيرة والأقليات الدينية -وعلى رأسها الطائفة العلوية- ومنحتهم امتيازات استثنائية لتشكيل ما سُمّي بالقوات الخاصة للشرق الأدنى, والتي أصبحت الذراع الأمني المحلي لحماية الفرنسيين وقمع الثورات والمظاهرات الوطنية.
وقد وصفت الوثائق الفرنسية أفراد هذه العصابات بأنهم "همج وقطاع طرق", ولا يزال السوريون يستحضرون أساليبهم في الاعتداء على المواطنين بالضرب والنهب والقتل, إذ لم يكن لدى هؤلاء من ولاء سوى للجنرال ديغول, بل لم يقبلوا بالاستقلال عام 1945م خوفًا على فقد لذة التسلط والاستبداد, فنشروا الفوضى في البلاد, حتى اضطرت فرنسا إلى تخييرهم بين البقاء في سوريا أو الرحيل مع قواتها، وقد لا يفاجأ القارئ الكريم بأن حوالي ثلاثة آلاف جندي اختاروا المغادرة مع القيادة الفرنسية لخدمتها في مستعمرات أخرى.
وعلى الرغم من قيام حكومات مدنية ديمقراطية في سوريا عقب الاستقلال؛ إلاّ أن فوضى الانقلابات العسكرية بعد ذلك أثبتت أن الأمر لن يستتب سوى لمن يستحضر التجربة الفرنسية "الهمجية" في بلاد لم تنضج فيها التجربة المدنية القائمة على قوة المؤسسات بعد, وتمكن الأخوان حافظ ورفعت الأسد بالفعل من إقامة النظام البعثي على الفرق العسكرية والأمنية وحدها, وأن يجعلا بنيتها ذات ولاء عشائري وطائفي مرتبط بالمصالح والامتيازات التي يقدمها النظام الفاسد, ونجح هذا النظام في اختبار الصمود الأول بقمع تمرد الإخوان المسلمين الذي بدأ في جسر الشغور وحلب ودمشق وتدمر عام 1980م لينتهي بحملة الإبادة الجماعية في مدينة حماة عام 1982م, ولتدخل البلاد بعدها مرحلة عزل وتجويع وإرهاب على مدى عقد من الزمن أشبه بما تعرض له العراقيون في ظل الحصار المفروض من الخارج.
واليوم يدير الأخوان بشار وماهر الأسد نظامًا مشابهًا وبالآلية نفسها, إلى درجة استخفاف (مايكل ويس) في صحيفة (ديلي تلغراف) بما يُقال حول صعوبة تكرار تجربة حماة, متسائلاً إن كان تصوير جريمة ونشرها في وضح النهار على الإنترنت سيمنع دكتاتورًا مثل بشار الأسد من تكرار ما فعله أبوه, ليختم مقاله بتشبيه نظام الأسد بعصابة جزاري الهوتو في رواندا.
إضافة إلى ما سبق, ينتهج نظام الأسد اليوم سياسة ترويع أتباع طائفته العلوية من سقوطه, وتشير الأنباء المسربة -والتي تتجنبها وسائل الإعلام خشية الفتنة- إلى أزمة طائفية حقيقية بين قرى علوية وسنية في الساحل السوري ومحافظة حمص, ونظرًا لغياب الثقافة السياسية في المجتمع السوري -مقارنة بمصر على سبيل المثال- فمن المؤسف أن يبقى الخطاب التوفيقي الديمقراطي متداولاً بين النخب فقط, بينما تسود ثقافة مختلفة في الأرياف التي ما زالت هي المورد الرئيس للثورة السورية حتى الآن. ومن الجدير بالانتباه أن خطابًا سلفيًّا جديدًا بدأ بالانتشار بين الثوار جراء تصعيد العنف الطائفي من قبل النظام, مع أن الثقافة الشعبية كانت تميل إلى التساهل الصوفي مع أتباع الطوائف الأخرى.
وعلى الرغم من تطرّف جنود النظام في تخريب المساجد وتدمير المآذن والاستعلان بالكفر لدفع الناس إلى القتال, ما زال شباب الثورة متفائلين برفع مستوى الوعي لتجنب الوقوع في مستنقع الحرب الأهلية, كما يتوجهون بخطاب مضاعف إلى أبناء الطائفة العلوية لحثهم على الانشقاق عن النظام بوصفه نظامًا عائليًّا يستقوي بالطائفة لتحقيق مصالحه.
ومع أن هذه الجهود لم تثمر سوى انشقاق أفراد لا يشكلون أي وزن حقيقي في الجيش, إلاّ أن تسارع وتيرة الانشقاق مؤخرًا قد يعني البدء في انتشار موجة التمرد على الرغم من بطئها, مع الأخذ بالحسبان أن الإعلام داخل الثكنات العسكرية يخضع لسيطرة النظام؛ إذ يعترف الكثير من الجنود والضباط بأنهم وقعوا ضحية التغرير, واقتنعوا تمامًا بأن العصابات تسيطر على البلاد.
لكن هذا لن يمنع الثوار من التفاؤل؛ نظرًا إلى عدم تجانس الطائفة العلوية نفسها في الداخل؛ إذ سبق لمجموعة تطلق على نفسها اسم "شباب الطائفة العلوية" أن أصدرت قبل نحو شهر بيانًا تؤكد فيه رفضها الشديد "لأي سلوك أو تحريض يقوم على أساس مناطقي أو ديني أو طائفي", كما أصدرت مؤخرًا كل من رابطة تنسيقيات الساحل السوري, ورابطة الإخاء الوطني والعيش الواحد في الساحل السوري بيانًا مشتركًا يذكّر الشعب السوري بانخراط الطائفة العلوية في كافة مناحي الحياة السياسية بعيدًا عن أي اصطفاف مذهبي, وينأى بالعلويين عن جرائم النظام الذي يدعو صراحة لإسقاطه.
وفي ظل هذه المستجدّات المتسارعة, سيسترجع السوريون اليوم تجربة انقلاب حافظ الأسد عندما كان وزيرًا للدفاع على نظام الثالث والعشرين من فبراير/شباط وإلقاء صديقه العلوي اللواء صلاح جديد في السجن, بل وانشقاق أخيه رفعت نفسه بعد أن كان يده الطولى في القتل والإبادة؛ فسُنَّة الاستبداد هي ذاتها على مر التاريخ, ولطالما انتهي الحال بالطغاة إلى إفناء أنفسهم بأيديهم.
المصدر: موقع الإسلام اليوم.