[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
انتصرالمسلمون في معركة فارنا انتصارا ساحقا بقيادة السلطان مراد الثاني على التحالفالصليبي, وقتل ملك المجر في المعركة, وكان فتحا عظيما أعز الله عز وجل فيه الإسلاموأهله وأذل الصليب وأهله, ولكن ما هي الأحداث التي سبقت معركة فارنا؟ وما هي أسبابقيام هذه المعركة؟ وما هي النتائج التي ترتبت على معركة فارنا؟
المكان:مدينة فارنا - بلغاريا - أوربا
الموضوع:العثمانيون بقيادة مراد الثاني ينتصرون على التحالف الصليبي الأوربي.
الأحداث:
تعجب كثير من المسلمينفي أيامنا عندما أعلن الرئيس الأمريكي بوش قيام قوات التحالف المزمع عقده بحربصليبية جديدة على المسلمين, ذلك لأن هذا الاسم قد غاب عن ذهن المسلمين وتفكيرهموظنوا أن الحرب الصليبية قد انتهت من أمد بعيد ولكن الحق الغائب عن المسلمين أنالحرب الصليبية لم ولن تنته أبدًا في يوم من الأيام حتى ينزل المسيح فيقتل الدجال وترفع الجزية ويقتل الخنزير ويكسر الصليب فلا ترفع راية صليبية بعدها..
وقبلذلك فما زال وسيظل الصليب مرفوعًا في قلوب أتباعه يجعلونه راية وعنوانًا لحروبهمضد المسلمين, والغفلة التي تحيط بالمسلمين تجعلهم دائماً لا يفهمون البعد الدينيفي تفكير النصارى ظنًّا منهم أن الحرية والانفلات والفجور التي تحياها أورباوغيرها من دول الصليب قد قضى تماماً على عقيدتهم وحبهم للصليب فما زال الدين يحكمويسيطر ويوجه تصرفات النصارى.
وصفحتناتلك حلقة من حلقات الحروب الصليبية التي شنتها أوربا على المسلمين.
عندمابدأت الدولة العثمانية في الظهور اعتمدت سياسة توسيع الرقعة الأفقية للدولة بضمإمارات الأناضول في آسيا الصغرى فلما تم لها ذلك اتجهت ناحية أوربا لفتح البلادونشر دين الإسلام وتحقيق وصية جدهم الأول عثمان مؤسس الدولة العثمانية وبالفعلاستطاعت الدولة ضم إمارات الأناضول ووحدت تحت راية العثمانيين سنة 793هـ وبدأتالدولة تلتفت لأوربا..
واستطاعالسلطان بايزيد الثاني الملقب بالصاعقة أن يضم أجزاء كبيرة من أوربا ولكنه ما لبثأن اصطدم مع جحافل جيوش التتار بقيادة تيمور لنك والتي قدرت بـ 800000 مقاتل وأسفرهذا الصدام عن تجزؤ الدولة العثمانية مرة أخرى وانفراط عقدها وانفصلت إماراتالأناضول مرة أخرى وظلت الدولة من سنة 804 هـ تكافح لإعادة البناء مرة أخرى حتىاستطاع السلطان مراد الثاني إعادة إمارات الأناضول لسيادة الدولة العثمانية وذلكفي سنة 825هـ وتفرغ بعدها مراد الثاني للجهاد في أوربا.
كانتأكثر الحروب التي خاضها السلطان مراد الثاني في أوربا مع ملك المجر الذي كان يعتبرنفسه حامي الصليبية في أوربا؛ لأنه كان أقوى ملوك أوربا وتقلبت نتائج هذه الحروببين انتصار وهزيمة هكذا تارة وتارة, فعند بدء القتال انتصر السلطان على طاغيةالمجر انتصارًا باهرًا جعل ملك المجر يطلب عقد هدنة على أن يتنازل للعثمانيين عنأملاكه شرقي نهر الدانوب الذي أصبح حدًّا فاصلاً بين الدولتين, وهذا الانتصار أدخلالرعب على باقي ملوك أوربا وأمرائها فسارع أمير الصرب جورج برنكوفتش على ملكه فعقدمعاهدة مع العثمانيين تنازل فيها عن بعض المواقع للعثمانيين مع دفع جزية سنويةوأيضًا مع التعهد بقطع صلاته مع ملك المجر.
شجعهذا الانتصار السلطان مراد الثاني على مواصلة الجهاد في أوربا ففتح مدينة سالونيكوبلاد الأرنؤوط "ألبانيا" وسلم أميرها أبناءه الأربعة كرهينة للسلطانوعندما مات هذا الأمير سنة 834هـ ضم السلطان بلاده إليه, واعترف أمير "الأفلاق"جنوب رومانيا بالسيادة العثمانية سنة 836هـ, ثم استعد السلطان مراد الثاني لفتحالقسطنطينية وعندها عادت الدولة الصليبية لنقض العهود والتمرد..
وكانأول المتمردين أمير الصرب "جورج برنكوفتش" الذي أعلن العصيان فهاجمهالسلطان وقتله وفتح جزءًا من بلاد الصرب وحاصر بلجراد ستة أشهر ولكنه لم يتمكن منفتحها ثم أرسل السلطان جيشًا إلى غرب رومانيا وكان يتبع ملك المجر لتأديب الخائنينفأرسل المجر جيوشًا ضخمة بقيادة أشهر قادة أوربا الحربيين وهو "رينالد"المجري والذي استطاع الانتصار على العثمانيين واستشهد منهم عشرون ألفًا فأعادالسلطان مراد الثاني الكرة وأرسل جيشًا آخر ولكن "رينالد" المجري انتصرعليه واستشهد من العثمانيين ثمانون ألفًا وذلك سنة 845هـ وتوالت الهزائم علىالسلطان مراد الثاني مما اضطره ذلك إلى توقيع معاهدة تنازل بمقتضاها عن الأفلاقللمجر ورد للصرب بعض المواقع..
وقامتهدنة لمدة عشر سنوات, ووقع حادث أثر في نفسية السلطان مراد جدًّا وهو وفاة ولدهالأكبر علاء الدين فنزل عن السلطنة لولده الآخر محمد الثاني "الفاتح"وكان عمره أربعة عشر سنة واعتزل مراد الثاني الدنيا واعتكف في ولاية أيدين غربيالأناضول.
اطمأنمراد الثاني على ولده محمد الثاني لأن بينه وبين أوربا معاهدة عشر سنوات يكون ولدهقد كبر واشتد عوده أمامهم ولم يعلم أن الروح الصليبية تشتعل نارًا على المسلميندائمًا حيث استغل البابا هزائم المسلمين الأخيرة واعتزال مراد الثاني السلطة وحثملك المجر على نقض العهود مع المسلمين وأوفد إليه الكاردينال "سيرازيني"لإقناعه بأن نقض العهد مع المسلمين واجب وطاعة للرب وبالفعل اقتنع ملك المجروتنادى نصارى أوربا بحرب صليبية جديدة ضد المسلمين وانضم للمجريين ألمان وفرنسيونوإيطاليون وبولنديون وصرب ورومان وحمى الصليب في قلوب الجميع وقرروا القضاء نهائيًّاعلى أمة الإسلام..
وعندهاقرر السلطان مراد الثاني الخروج من عزلته والتغلب على أحزانه لإحساسه بخطورةالموقف وتعرض الإسلام للخطر فقاد السلطان الجيوش المسلمة بنفسه, وكان جميع ملوك أورباقد هجموا على بلاد بلغاريا والتقى الجمعان في مدينة فارنا البلغارية في 28 رجب سنة848هـ فأنزل الله نصره على المسلمين وانكسر الصليب وهزم حزب الشيطان وحلف البابا شرهزيمة وقتل ملك المجر في المعركة, كما قتل مندوب البابا الكاردينال "سيرازيني"في المعركة, واستولي السلطان على معسكرهن كله وكان فتحًا عظيمًا هائلاً أعز الله فيه الإسلام وأهله وأذل الصليب وأهله.
المصدر:موقع مفكرة الإسلام.