[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
موقعةفارسكور انتصر فيها المسلمون على الصليبيين يوم الأربعاء 3 محرم سنة 648هـ، وقد أخذتهمسيوف المسلمين من كل جانب, حتى قتل منهم ثلاثون ألفا وغرق الكثيرون, ووقع في الأسرالملك لويس التاسع وأخوه, وكانت سببا لإنهاء الحملة الصليبية السابعة وفشلها فشلاذريعا, ولكن ما هو السبب وراء الحملة الصليبية السابعة؟ وكيف تصدى لها المسلمون؟
المكان:مدينة فارسكور – المنصورة - مصر.
الموضوع:توران شاه الأيوبي ينتصر على لويس التاسع، وينهي الحملة الصليبية السابعة.
الأحداث:
أصل الحروب الصليبية متى ولماذا؟
أصل الحروبالصليبية التي انهالت على أمة الإسلام خاصة الشام ومصر يرجع في المقام الأول إلىكرسي البابوية المرجعية الدينية لكل نصارى العالم، وكان أول من فكر في ذلك الباباجويجوري السابع، وكان رجلاً طموحًا نشيطًا استغل نفوذه القوي داخل أوربا وشرع فيالتخطيط لحملات صليبية دعوية لنشر الدين النصراني بين أرجاء المعمورة كلها ولكنالعمر لم يمتد به وأخذه الله أخذ عزيز مقتدر، وخلفه تلميذه النجيب أوربان الثاني، وذلك سنة478هـ، وهو الذي أطلق شرارة الحروب الصليبية سنة 488 هـ، ولكن لماذا؟ لعدة أسباب:
1-الحمية الدينية الصليبية التي انتشرت بأوربا في تلك الفترة والرغبة العارمةلمنازلة المسلمين.
2-حرب الاسترداد الإسبانية والتي بدأت بسقوط طليطلة في 1 صفر سنة 478هـ، مما حفزالصليبيون في أوربا لتحقق نفس الانتصارات بالشام.
3-الأباطيل التي روجها بطرس الناسك عن اضطهاد الحجاج النصارى بالشام.
4-انتصار المسلمين في ملاذكرد على البيزنطيين وانسياح السلاجقة في منطقة آسياالصغرى، واقترابهم من القسطنطينية.
5-زيادة أعداد السكان الأوربيين في هذا القرن واحتياجهم لأراضي وثروات جديدة.
الحملة الصليبية السابعة:
استمرتالحملات الصليبية تنهال على الشام ومصر منذ عام 489هـ حتى سنة 647هـ، وقد مضى منهاست حملات صليبية قادها معظم ملوك أوربا مثل ريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا، وفيليبأغسطس ملك فرنسا وفردريك الثاني ملك ألمانيا وبها ميو ملك صقلية وقبرص وغيرهم، حتىوصلنا إلى الحملة الصليبية السابعة، وكان المحرك الأكبر لهذه الحملة الصليبية هوملك فرنسا لويس التاسع الذي يلقب بلويس التقي، ولكن ما السبب وراء تلك الحملة؟
السببوراء ذلك أن لويس التاسع قد أصابه مرض شديد كاد أن يهلك بسببه, فنذر إن شفاه اللهأن يقوم بشن حملة صليبية ضد الكفار يعني المسلمين، وكان ذلك بإشارة القساوسةوالرهبان، مما يوضح الروح الدينية الخالصة التي تسيطر على عقول صليبيي أوربا.
أعدلويس التاسع حملته بعناية كبيرة وزودها بخيرة الفرسان الفرنسيين والخيول والسلاحوتوجه إلى الشام حيث ما زالت هناك بعض الإمارات والنقاط الصليبية فنزل إلى عكاوبقي بها قليلاً استعدادًا للهجوم على الديار المصرية التي كانت في هذا الوقت أقوىالممالك الإسلامية عمومًا بعد اجتياح التتار الكاسح لديار الإسلام على الجبهةالشرقية، وقرر لويس التاسع أن تكون دمياط هي أولى أهداف الحملة الصليبية, ودمياطعمومًا كانت محط أنظار كل الحملات الصليبية القادمة من أوربا على مصر.
الأوضاع داخل الديار المصرية:
فيتلك الفترة كان يحكم مصر والشام معًا الملك الصالح أيوب، وكان رجلاً صالحًا منعظماء بني أيوب, تولى الأمر بعد أخيه الكامل محمد, فصحح كثيرًا من أخطائه خاصةجنايته العظيمة بالتنازل عن بيت المقدس للملك فريدريك الثاني سنة 625هـ، واستطاعالصالح أيوب أن يعيد بيت المقدس للمسلمين سنة 642هـ، واسترد دمشق سنة 643هـوعسقلان سنة 645هـ، وأعاد للدولة الأيوبية هيبتها ومجدها السابق الذي فرط فيه أخوهالكامل محمد.
عانىالصالح أيوب كثيرًا بسبب عمه إسماعيل الذي كان واليًا على دمشق، وكان نكبة علىالإسلام وأهله, حالف الصليبيين وأدخلهم دمشق وتعاون ضد ابن أخيه أيوب، ودخل فيحروب طويلة معه من أجل الاستيلاء على مصر؛ مما أضعف من قوة الصالح أيوب وأنهكجيوشه من كثرة القتال مع الصليبيين ومن عاونهم.
احتلال دمياط:
وصللويس التاسع بجيش جرار يقدر بمائة ألف مقاتل إلى مدينة دمياط وذلك بحرًا وهجم علىالمدينة بسرعة ففر كل من فيها من الجند والحراس ومعهم بعض العامة، واستولىالصليبيون بسهولة على المدينة وقاموا بارتكاب مذابح مروعة بحق أهل البلد المسلمينوحولوا الجوامع والمساجد إلى كنائس وذلك في شهر ربيع الأول 647هـ.
أعلنالصالح أيوب النفير العام في الديار المصرية، وأتته الجنود من كل مكان، وأسرعلمنازلة الصليبيين، وقام ببناء مدينة مقابلة لدمياط حيث معسكر الصليبيين وسماها "المنصورة",وقام بالقبض على الجنود الفارين من وجه الصليبيين بدمياط وشنق بعضهم تعزيرًا لهمعلى التولي يوم الزحف، ولام الباقي على ترك المصابرة قليلاً ليرهبوا عدو اللهوعدوهم، وكان الصالح أيوب في تلك الفترة مريضًا، ولكنه لشدة شجاعته وجلده لم يظهرالتوجع أو الألم أمام أحد.
تقدمالملك الصليبي نحو المنصورة حيث معسكر المسلمين محاذرًا الاقتراب من ضفة فرع دمياطحتى لا يقع في نفس خطأ الحملة الصليبية الخامسة عندما دخل قائدها "جان ديبريين" في اتجاه خاطئ أفشل الحملة بأسرها، ولكن جماهير المصريين المتطوعينللجهاد ضد الصليبيين أقبلوا بأعداد كبيرة، وذلك لشن حرب عصابات ضد الجيش الصليبي،وقام المصريون ببطولات رائعة وأعمال فدائية في غاية الشجاعة والمكر والطرافة أيضًاضد الصليبيين.
وفاة الصالح أيوب:
فيتلك الأثناء تزايدت العلة والمرض على الصالح أيوب حتى مات رحمه الله في 15 شعبانسنة 647هـ، ولم يكن عنده ساعة موته سوى جاريته وأم ولده خليل "شجرة الدر"،وكانت امرأة عاقلة ذات حزم ودهاء فأخفت موته على الناس, حتى لا يفت ذلك في عضدالناس وهم أمام عدوهم, فعد ذلك في غاية الحكمة والتعقل, وأظهرت أنه مريض مدنف لايقوى على الحركة, وبقيت تعلم عنه بعلامته, وأرسلت إلى كبار الأمراء وأطلعتهم علىخبر موته وتشاوروا فيمن يولونه على الجيش بعده, فاجتمعوا على تولية ابنه توران شاه.
أرسلواإلى توران شاه وكان واليًا على "كيفا"، وكان مجافيًا لأبيه حال حياته,فأرسلوا إليه فجاء سريعًا فملكوه عليهم وبايعوه جميعًا، وكان الصليبيون في هذاالوقت قد اقتربوا من قرية "شرمساح", والتي عرفت بعد ذلك بمدينة "فارسكور".
معركة فارسكور:
جاءتوران شاه وقاد جموع المسلمين واستعد للصدام مع الصليبيين عند مدينة "فارسكور",وبالفعل كان الصدام يوم الأربعاء 3 محرم سنة 648هـ، ودارت جيوش المسلمين حولالصليبيين واستولوا على مراكبهم التي جاءوا بها من الشام في حملتهم الصليبية, وشعرالصليبيون أنهم محاصرون بين البحر والمسلمين فاستماتوا في القتال، ولكن هيهاتهيهات أخذتهم سيوف المسلمين من كل جانب, حتى قتل منهم ثلاثون ألفًا وغرق الكثيرون,ووقع في الأسر الملك لويس التاسع وأخوه.
وضعلويس التاسع سجينًا في دار ابن لقمان بالمنصورة حتى ينظر توران شاه في أمره وأخذردائه الذي كان يلبسه أثناء القتال وأرسله مع رسول إلى دمشق ليبشر به الناسبالانتصار الكبير على الصليبيين, ودخل المسلمون كنيسة مريم فأقاموا بها فرحًا لماعلموا بالنصر وكادوا أن يخربوها، وكانت النصارى ببعلبك قد فرحوا حين أخذ الصليبيوندمياط فلما وصلت أخبار هزيمتهم لبسوا السواد وأعلنوا الحداد, فأرسل والي البلدإليهم فجمعهم وأوقفهم صفًّا, وأمر يهود البلد أن يصفعوهم ففعلوا.
أرسلتمرجريت زوجة لويس التاسع الملهوفة على زوجها بفدية ضخمة لتوران شاه ليفك أسره فقبلالمسلمون ذلك، ودفع لويس التاسع لفدائه هو وعساكره مبلغ عشرة ملايين فرنك، وقدأقسم بأغلظ الأيمان ألا يعود لحرب المسلمين مرة أخرى، فهل يا ترى حافظ لويس التاسععلى عهده، أم نكثه، هذا ما سنعرفه في أحداث 10 محرم على نفس هذه الصفحات فاللقاءهناك إن شاء الله.
المصدر:موقع مفكرة الإسلام.