[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة، قال : قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: «مَا من مولود إلاَّ يولد على الفطرة ، فأبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه».
أي: إنَّ المبادئ الأساسية تغرس غرساً في قلوب أبنائنا منذ صغرهم؛ إذ من الواجب علينا تلقين أبنائنا حبَّ المسجد الأقصى ووجوب نصرته وتحريره، ووجوب كره الغاصبين المعتدين المجرمين، وتبيين حقيقة الأحداث والوقائع التي مرَّت وأدَّت إلى هذا الواقع الأليم الذي نحياه ونعيشه، وأوصلت حالنا إلى ضعف بعد قوَّة، وإلى ذلة وهوان بعد عزَّة وتمكين، ويبقى استثمار وتوظيف المناسبات والأحداث المختلفة المتعلّقة بقضية المسجد الأقصى السبيل الأمثل في توعية جيل اليوم بقدسية هذا القضية التي تعدّ جزءاً من عقيدة المسلمين وأساساً مكين يربّى عليه النشء، ولعلَّ هذه الأمانة والواجب منوط بالأهل والمربين في كلِّ مكان وزمان، إذ لكلٍّ منهم دورٌ ومهامٌ تتكامل فيما بينها، لتؤسس جيلاً قادراً على فهم الواقع وتحمّل المسؤولية تجاه المسجد الأقصى الأسير..
وفيما يلي نستعرض نماذج عملية .. كان المبدأ فيها تربيةً صالحةً لنشء أصبح ذا شأن، وأبدع في حياته، فكان له دورٌ فاعلٌ في نهضة أمته والبشرية جمعاء ..
عالم المدينة وفقيهها ..
- الإمام مالك، كانت أمُّه تربّيه على العلم والأدب، ولم يتجسَّد ذلك في نصائح وعظية فحسب، بل كانت تقوم بأكثر من ذلك، حيث كانت تلبسه العمامة وهو صغير السّن، مع أنَّ العمامة زي الرِّجال وزيّ الوقار والهيبة والعلم، وكانت تأمره بأن يذهب إلى ربيعة الرَّأي – وربيعة الرَّأي هو أحد فقهاء المدينة السبعة كانوا في المدينة قبل المذاهب الأربعة – وتقول له : اذهب إلى ربيعة، وتعلّم الأدب والعلم.
فهكذا زرعت فيه محبَّة العلم الأدب وجعلتهما مقياس للنَّجاح والرّفعة، وسخرت لذلك اللّباس والبيئة التي وضعته فيها، حتَّى خرج لنا الإمام مالك عالم المدينة وفقيهها.
فاتح القسطنطينية .. حلم تحقَّق
- محمَّد الفاتح الذي زرع فيه مربّوه من العلماء؛ ومنهم الشيخ "آق شمس الدين" في بثّ روح الجهاد والتطلّع إلى معالي الأمور، وكان شيوخه باستمرار يلمحون له بأنَّه هو المقصود ببشارة النّبي صلَّى الله عليه وسلّم في فتح القسطنطينية .. وكان لهذا الإيحاء دورٌ كبيرٌ في حياة "محمَّد الفاتح" فنشأ حالماً بتحقيق هذا الهدف، وبالفعل فقد سخَّر كلَّ ما اكتسبه من مهارات في الحكم والمعرفة لتحقيق هذا الهدف وحقَّق ما كان يصبو إليه، وما عجز المسلمون طوال 800 عام من تحقيقه.
المخترع من مهد أمه انطلق ..
- المخترع أديسون، الذي خرج من المدرسة بعد ثلاثة أشهر بسبب بلادته وسوء فهمه، يقول: (إنَّ أمِّي هي التي صنعتني، لأنَّها كانت تحترمني وتثق في، أشعرتني أنّي أهم شخص في الوجود، فأصبح وجودي ضرورياً من أجلها، وعاهدت نفسي أن لا أخذلها كما لم تخذلني قط).
وبعد، فهل عقرت أرحام أمهات الأمَّة الإسلامية اليوم في أن يلدن وينشئن ويصنعن على أعينهنّ بالتربية الصَّالحة والتنشئة الرَّشيدة أمثال محرّر الأقصى صلاح الدين الأيوبي، والبطل الفاتح سيف الدين قطز وغيرهم الكثير..، ليضطلعوا بحبّه، ومن ثمَّ نصرته والدفاع عنه وتحريره من براثن الاحتلال الصهيوني.
المصدر: بصائر أون لاين.