[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
الملحمة التي سطرتها كتيبة خالد بن الوليد في الرستن على مدى الأيام الماضية، وثباتها الباهر في قلب سوريا أمام جحافل مؤلفة من نحو مائتي من المدرعات التي تضم دبابات T72 ودبابات شيلكا ودبابات PMP, وعشرات من القناصة الذين يعتلون أسطح المنازل، ومئات من الشبيحة الذين عاثوا في المدينة فسادًا، وقتلوا العشرات من المدنيين، يحميهم الطيران الحربي الذي دمَّر جامع أبو عمو، وهو جامع الرستن الكبير تدميرًا كاملاً إلى جانب العديد من المنازل.. كل ذلك يؤشر إلى حجم القوة التي يواجهها الجيش السوري الحر في مساعيه للتصدي إلى تلك الجموع الغادرة من جيش النظام الصهيوني في دمشق.
وما يؤشره ذلك، يعكس بدوره القوة المتنامية للجيش السوري الحر الذي يعتمد أسلوب الكمائن وحرب العصابات في تتبع قطعان الأمن والشبيحة وحتى الجيش في أكثر من مدينة مركزية بسوريا؛ ما مكَّنه من أن يشرع في التحول من الكُمُون إلى نصْب الكمائن، والإعلان بقوة عن نفسه حاضرًا للدفاع عن عشرات الحرائر اللائي تُنتهك أعراضهن في سوريا، وحماية المظاهرات، ثم المدنيين في البلدان التي يقدم الجيش الأسدي العميل على اقتحامها.
وحيث تتعدد المناطق التي يتمركز أو ينشط فيها هذا الجيش الحر الثائر، تتبدى معالم تأثيره في معادلة القوة السورية غير المتكافئة؛ فحينما تتواتر الأنباء يوم الجمعة عن نشاط غير مسبوق لكتيبة الله أكبر في البوكمال، ونجاحها في قتل العديد من شبيحة النظام في عملية نوعية؛ دفاعًا عن حرائر حمص والرستن وردًّا على مجازرها، ويتواصل صمود كتيبة خالد بن الوليد في الرستن، وتصطاد كتيبة القاشوش في حماة قطعان الأمن والشبيحة، وتلاحق كتيبة أبو الفداء الشبيحة بالقرب من حماة، وتنشط كتيبة أبي عبيدة بن الجراح سريعًا في ريف دمشق..
وعندما تتسارع وتيرة الانشقاقات في الجيش السوري إلى الحد الذي يجبر الإعلام العالمي على تتبعها ومحاولة فك رموزها؛ فإننا نجزم بأننا أمام استحقاق جديد للثورة السورية، ومرحلة نضالية فيصلية في تاريخ سوريا الحديث.
لقد اتضح أن الصبر الشعبي السوري قد بدأت بواكيره تثمر برغم قسوة ما يلاقيه أهلنا في سوريا، ومن يلحظ حالة الاحتقان الشبابي وسأمهم من طول فترة سلميَّة الثورة، ودعواتهم الجيش السوري لفتح باب التطوع فيه، والرغبة الجموح التي تنتاب سوريا من أقصاها إلى أقصاها، يدرك على الفور أن الشام يستطلع مرحلة فاصلة في تاريخه، وأنه بصدد التحضير لمعركة ضروس مع النظام الفاشي الموالي للغرب في دمشق، وأن قطاعات من الشباب قد باتت لا تؤمن بضرورة تكافؤ القوى نسبيًّا أو الحفاظ على سلمية الثورة السورية ريثما تغيِّر وحدات من الجيش السوري قناعاتها باتجاه الثورة، وإن ذلك سيدخل الثورة السورية في منعطف خطير يوشك أن يفجِّر معركة الشام المتوقعة بين المنشقين عن الجيش وأنصارهم من المدنيين، وجيش الأسد وشبيحته وأعوانه في إيران ولبنان والعراق، وأنها قد تجرُّ إليها تركيا على نحو صريح.
إننا سواء أرضينا عن هذا التحول أم لم نرض، لا يمكننا إلا أن نراه لائحًا في أفق الثورة السورية، حيث بدت تباشيره لا يخطئها عين مراقب، تنقل الأحداث إلى أعتاب الحرب رغم غياب التكافؤ.
المصدر: موقع المسلم.