[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
بالتأكيد النظام الحاكم بمصر لن يستسلم بتلك السهولة، ولن يرضخ لإرادة الجماهير التي تطالب برحيل مبارك ونظامه، جماهير انتفضت لأنها رفضت القهر والظلم والفساد، رفضت الجوع والفقر، انتفضت على نظام استبد مصر، انتهك حقوق الإنسان المصري وحرمه من كل الحريات، هذا النظام الذي كانت له مهمات وأجندات خارجية قيدتها اتفاقيات كامب ديفيد وغيرها من الاتفاقيات والالتزامات المصرية للدول الغربية والتي جعلت من النظام المصري ليكون عامل إحباط بالمنطقة، نظام جعل من مصر شرطي غربي بالمنطقة عدوًّا للشعوب, عدوًّا للحرية, عدوًّا للأحلام والتطلعات والآمال.
نظام مبارك لم يكن نظامًا قمعيًّا باتجاه شعب مصر فقط، وإنما كان نظامًا قمعيًّا لكل قوى الرفض والمعارضة والثورية بالمنطقة العربية ولكل شعوبها، نظام كان يعمل على معاقبة أي صوت يرفض الوجود الغربي والصهيوني بالمنطقة، هذه المهمة التي كانت منوطة لهذا النظام، حيث كانت شرطًا لأزلامه وفاسديه ليكونوا على رأس هرم المؤسسة المصرية.
إن ثورة الجماهير المصرية ليست حدثًا مصريًّا فقط، بل هي حدث إقليمي ودولي كذلك، وإن انطلاقتها لم تكن رغبة مصرية فقط، بمقدار ما هي حاجة عربية ووطنية أيضًا، لما تعنيه مصر من مكانة ودور بالمنطقة قد يقلب موازين القوى لصالح قضايا الأمة العربية الوطنية في حال نجحت الثورة الحالية، وستكون نتائجها سلبية حال فشلت على كامل الواقع العربي.
حماية الثورة مهمة كل فرد ومنظمة وحزب وفصيل وكل من يرى بها أملاً لتطلعات الأمة العربية، فانتصار ثورة مصر هو انتصارًا للأمة العربية، وهذا يفرض على كل القوى والحركات اليسارية والوطنية العربية والإسلامية بشكل عام التحرك من خلال دعوة الجماهير للخروج إلى الشوارع والساحات لدعم هذه الثورة الشامخة الأبية، وأن السكوت والانتظار يدل على ضعف وانتهازية هذه القوى ببلدانها.
الدول الغربية وعلى رأسها الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني دخلوا على الخط، للتدخل بالشأن الداخلي المصري، وبما يضمن الحفاظ على مصالحهم، ومن أجل العمل على إجهاض هذه الثورة الشعبية، فهم لا تهمهم سيادة واستقلال مصر وحرية شعبها، ولا الدفاع عن حق الشعب المصري وتطلعاته، حيث يعمل الغرب على إيجاد تخريجة تضمن لهم مصالحهم الحيوية بالمنطقة، وهم يعرفون ماذا يعني التغيير الجذري بمصر لصالح شعبها والأمة العربية.
أن نكون إلى جانب ثورة مصر هذه مهمة الجميع، مهمة كافة الأحزاب العربية القومية منها واليسارية والإسلامية التي تقع على عاتقها دعوة كل الجماهير العربية والإسلامية بكل المنطقة العربية للخروج إلى الشوارع والساحات لدعم ثورة مصر، وأن لا تكون قياداتها انتهازية بانتظار خروج الجماهير للشوارع، فيفترض على القوى الثورية والديمقراطية والوطنية التي ترى بهذه الحكومات عامل إحباط أن تكون بالصفوف الأولى أمام الجماهير وقائدة لها بمعركة المصير.
ما مارستها أجهزة القمع برام الله لمنع التظاهر دعمًا لمصر وشعبها المنتفض، والسكوت عليه من قبل القوى اليسارية الفلسطينية يؤكد على هشاشتها، فلا يجوز لأجهزة التنسيق الأمني بسلطة رام الله أن تأخذ هذا الدور السلبي والسيئ لخدمة أعداء شعبنا وأمتنا الفلسطينية والعربية، فالمصلحة الوطنية ليس بالسكوت لما يحصل بمصر، وإنما الوقوف إلى جانب ثورة مصر العتيدة التي تعمل على إسقاط ليس فقط استبداد حكم مبارك، وإنما انتصارها تنقذ المنطقة من قيود كامب ديفيد التي أذلت دولنا وشعوبنا العربية جمعاء، فهذا عار يجب محاسبة المسئولين عليه ومعاقبتهم بما يليق بالقيم الوطنية والثورية.
وقوفنا إلى جانب مصر وشعبها بثورته على حكومة الاستبداد والظلم، هي جزءًا من هذه المعركة التي تخوضها الأمة العربية والإسلامية ضد سياسة الهيمنة والسيطرة التي تفرضها الدول الغربية على منطقتنا العربية من خلال حكومات مرتبطة بسياستها المباشرة، لن ننسى مصر الوطنية مصر أم الدنيا، مصر العروبة والثورة، حان الوقت لحشد كافة الطاقات والإمكانيات لتوفير مقومات الانتصار لهذه الثورة.
المصدر: جريدة الفجر.