[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
الأحداث المتصاعدة في سوريا والانتصارت التي حققها الجيش السوري الحر ضد عصابات الأسد ووصوله إلى أبواب دمشق وتزايد الانشقاقات التي يشهدها الجيش النظامي، جعلت السؤال حول السيناريو المنتظر بعد سقوط بشار الأسد مطروحًا بقوَّة على الساحة، خصوصًا مع المعلومات التي راجت بشأن محاولة الأسد تهريب عائلته للخارج، ومن قبل ذلك تهريب كميات كبيرة من الأموال الخاصة بكبار المسئولين عبر لبنان إلى بنوك أوربية..
الخطب التي ألقاها بشار الأسد والتصريحات التي أدلى بها منذ اشتعال الأزمة، تؤكد أنه لم يكن يتوقع تطور الأحداث بهذا الشكل، وأنه مثل بقية حاشيته فوجئ بتزايد التظاهرات وإصرار الثوار على مواصلة طريقهم، رغم التوحُّش الذي يواجهونه من قبل كتائب النظام النصيري..
من أهم التطورات التي شهدتها الأحداث في الفترة الأخيرة تمكن الجيش الحر من كسب عدد أكبر من الأنصار، والاقتراب بعملياته من العاصمة المحصنة، وتنفيذ عمليات قرب مناطق حساسة مثل المطار، والاقتراب بشدة من قصر الرئاسة، وهو تطور نوعي خطير أربك النظام، حتى إنه أجرى تعديلات عسكرية على أرفع المستويات, ومع ذلك فالجيش الحر يتعامل بواقعية ويعرف الأسلوب الأمثل لمواجهة النظام، والتي ينبغي أن تكون بطريقة حرب العصابات، فهو لا يتباهى بالسيطرة على منطقة قريبة من دمشق، ولا يستنكف من الانسحاب منها وإعادة الكرة مرة أخرى، مدركًا أنه بهذه الطريقة يستنفذ جهد الطرف الآخر ويدفعه للانهيار..
التصريحات الأخيرة لقائد الجيش الحر أكدت على مجموعة من الثوابت، لعل من أهمها أن الثورة وأهدافها أبعد ما تكون عن الطائفية، وأنها تشمل كافة طبقات وطوائف الشعب السوري، وأنهم في الجيش الحر يؤكدون على أن هدفهم الأسمى حماية التظاهرات السلمية، كما أكد على عدم التدخل في السياسة عقب انهيار النظام، وأنهم سيتركون ذلك لأهل السياسة، ويتفرغون لدورهم في الدفاع عن الوطن.
في نفس الوقت، هناك مخاوف من اندلاع حرب أهلية اعتمادًا على انحياز العلويين لبشار، مع ورود أنباء عن حشد بشار للسلاح وللأنصار في مناطق العلويين؛ لتنفيذ هجمات من هناك في حال سقوط دمشق. صحيح أن بعض العلويين أعلنوا براءتهم من بشار، ولكن لا شك أن هناك أصحاب مصالح وأجندات طائفية سيقفون معه حتى يتيقنوا من هلاكه..
ومع ذلك فإن السيناريو المنتظر بعد سقوط بشار ليس بالقتامة التي يتصورها البعض؛ لأن السُّنَّة غالبية ساحقة في سوريا، ومن الطبيعي أن يسيطروا على مقاليد الحكم دون اضطهاد لإحدى الطوائف، رغم ما عانوه طوال سنوات حكم النصيريين؛ ليس فقط لأن ذلك من العدل الذي يدعو دينهم إليه، ولكن لأن ذلك ما سيكفل استمرار وحدة الدولة واستقرارها, كما أنه لا خوف من اختلافات المعارضة الفكرية، فهي متفقة جميعها على الهدف الأساسي وهو إسقاط النظام، وبعد ذلك -وكما حدث في بقية دول الربيع العربي- يختار الشعب من يمثله عن طريق انتخابات حرة.
ومن هنا ينبغي الحذر من محاولات النظام السوري لتفجير الخلافات بين المعارضة، فهي الورقة الأخيرة في يده، وسوف يراهن عليها قبل سقوطه الوشيك بقوَّة، ولعل محاولاته استقطاب جماعة الإخوان وعرض بعض المناصب الوزارية عليها يدل على ذلك, ومن المتوقع أن تشهد المرحلة القادمة المزيد من العروض، والمزيد من محاولات شق الصف.
سوريا أحد الأركان الرئيسية في العالم العربي، وانهيار نظام الأسد سيعيد هذا الركن الأصيل للعالم العربي بعيدًا عن التحالفات المشبوهة مع إيران وحزب الله أصحاب المشاريع الطائفية، ولعل موقف سوريا الأسد من النظام العراقي في عهد صدام ووقوفها إلى جانب إيران - خير دليل على خيانتها لعروبتها التي يتفاخر بها الأسد وأنصاره السُّذَّج، الذين ينخدعون بالشعارات الوهمية التي يروج لها النظام؛ من أجل البقاء على مقاعد السلطة أكبر وقت ممكن، ولخدمة أهدافه الطائفية في المنطقة.
إن نظام الأسد لم يحارب السنة ويقمعهم في سوريا فقط، ولكن أيضًا في لبنان التي ظل صاحب الكلمة العليا فيها لسنوات طويلة, وعندما شعر بأن البساط سيسحب من تحت أقدامه، أشعل حرب الاغتيالات لإجبار السُّنَّة على الخضوع له والرضا بسيطرة حزب الله على مقاليد الأمور، رغم أنهم وأنصارهم يمثلون الأقلية، تمامًا مثل نظام الأسد في سوريا.. فهل آن للحق أن يعود لأصحابه؟
المصدر: موقع المسلم.