التصعيد الإيراني المستمر ضد العراق

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
لم تكف إيران أذاها عن ضرب العراق والتحرش المستمر بضرب المناطق الحدودية، والتي كانت سببًا رئيسيًّا من أسباب قيام الحرب العراقيَّة - الإيرانيَّة في ثمانينيات القرن الماضي، والتي استمرَّت ثماني سنوات.

واليوم لا تزال إيران مستمرة التحرش بالعراق، ولعلها تخلق في ذلك الكثير من الأسباب منها وجود خطر يهدد إيران من قبل الأكراد المتواجدين في المناطق الحدودية في شمال العراق وسكوت حكومة كردستان المشين على هذه الانتهاكات من قبل إيران بضرب القرى الحدودية الكرديَّة والشعب الكردي, وتارة أخرى بقطع المياه من قبل الإيرانيين عن العراق، وتارة أخرى بالتدخل السافر في الشئون العراقيَّة. ولعل بعض المحللين يرون أنه إذا كان ضرب إيران للقرى الكرديَّة داخل العراق بحجة وجود قوى معادية لإيران، فبماذا يفسرون قطع إيران المياه عن العراق؟!

إن ملف حرب المياه الذي انخرطت فيه إيران بشكل كبير تمثل في قطع الروافد المائيَّة المشتركة النابعة من إيران، والتي تسبب تصحرًا في أجزاء مهمَّة في العراق، ورميها النفايات والمياه الآسنة باتجاه الأراضي العراقيَّة؛ فإيران بدلاً من أن تسمح بتدفق المياه وفقًا للأعراف الدوليَّة، قامت بدفع نفاياتها والمياه غير المعالجة عبر الحدود العراقيَّة، ما يشكل مستنقعات مائية ضحلة داخل العراق.

وكان ناشطون أعلنوا في شهر يوليو الماضي عن تشكيل تجمع "من أجل الوند" لممارسة الضغوط على الجانب الإيراني لإعادة إطلاق مياه النهر من خلال قطع معبر المنذرية الحدودي، ومنع دخول الشاحنات والمسافرين الإيرانيين إلى العراق.

وفي تطور جديد، أعلن البرلمان الكردي عقد جلسة استثنائية لمناقشة استمرار القصف الإيراني للقرى الكردية الحدودية، تلبيةً لمذكرة وقَّع عليها 38 نائبـًا في البرلمان، فيما أعلنت 40 منظمة مـدنية عراقية وكردية عـن إطلاق مبادرة "من أجل الوند" للوقوف على تداعيات قطع المياه واستمرار القصف الإيراني للقرى الكردية الحدودية، من خلال الاطّلاع على الأوضاع الإنسانيَّة للمتضررين، داعية الحكومتين العراقية والكردية إلى اتخاذ موقف "أكثر صرامة"، وتعويض المتضررين من القتلى والجرحى والنازحين الذين بلغ عددهم نحو 700 شخص.

إن موجة التصعيد الإيراني تزايدت بشكل لافت مع اقتراب موعد انسحاب القوات الأمريكيَّة نهاية العام الجاري، والذي طالبت به إيران علنًا طوال السنوات الماضية, كما أن إيران تتجه بالفعل إلى فرض شروط كبيرة على الجانب العراقي وتستعدّ لما تعتبره ملء الفراغ بعد الانسحاب الأمريكي، وإذا استمرّ الوجود الأمريكي بشكل أو بآخر، فإن إيران تستعد لملفات الضغط على الأكراد العراقيين بشكل كامل دون مراعاة لأي طرف.

وقد شهدت الأيام القليلة الماضية تصعيد كبير من قبل الجانب الإيراني بقصف المناطق العراقية، حيث كثفت قوات الحرس الثوري الإيراني (الباسيج) هجماتها الضارية داخل إقليم كردستان العراق بدءًا من مدينة قلعة دزه بمحافظة السليمانية وحتى حدود حاج عمران بمحافظة أربيل مستخدمة المدفعية الثقيلة وأنواع الأسلحة والآليات العسكرية، حيث ألحقت هذه الهجمات خسائر فادحة بسكان تلك المناطق، وتسببت في تشريد أعداد كبيرة من ديارهم.

وكشفت بعض المصادر العراقية أن إيران تحشد قطعًا عسكريَّة بالقرب من حاج عمران لدعم هجمات ضد معارضين إيرانيين، مبينةً أن الهدف الرئيسي من هذه الهجمات هو السيطرة على بعض المناطق العراقيَّة.

وربطت المصادر هذه الأعمال العدائيَّة بزيارة نائب الرئيس الإيراني للعراق مؤخرًا، متهمة المالكي بمنح الضوء الأخضر لنائب الرئيس الإيراني للقيام بهذه الهجمات، من جهته قال النائب محمود عثمان: إن إيران بهذا العمل تؤكد أنها لا تحترم حقوق الجار، وتخرق كل المواثيق المتعارف عليها، داعيًا الحكومة العراقيَّة إلى وضع حد لهذه الاعتداءات؛ لأنها مسئولة عن الشعب الذي انتخبها.

من جهته دعا النائب عن المجلس الأعلى حبيب الطرفي حكومة إقليم كردستان إلى تقديم ما أسماه بالأدلة التي تؤكد حصولَ اعتداءات إيرانيَّة على الإقليم، وقال الطرفي: إن الأراضي العراقية خطٌّ أحمر سواء كان المعتدي عليها إيران أو تركيا أو أي بلد آخر مجاور أو غير مجاور، مضيفًا أنه بالنظر إلى ما تناقلته وسائل الإعلام عن قصف إيراني لأراضي إقليم كردستان فلا بُدَّ من الدلائل التي توضح القضية وتؤكدُ وجود اعتداءات، وبخلاف ذلك فإن الموضوع يبقى مجرد تكهنات وأقاويل على حد تعبيره.

هذا وأعلن اللواء جبار ياور الأمين العام لوزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان تشكيل لجنة مشتركة من وزارتي الدفاع والداخليَّة في الحكومة الاتحادية للتحقق من دخول القوات الإيرانية إلى الإقليم، وقال: إن اللجنة ستقوم بمسح الحدود والتأكد من وجود تجاوزات على الأراضي العراقيَّة في إقليم كردستان.

ويرى كثير من المحللين السياسيين أن إيران لن تتوقف عن ضرب المناطق الحدودية، سواء في شمال العراق أو جنوبه؛ لأنها كانت وما زالت تتحين الفرص للنيل من العراق بشتى أنواع الطرق، وطالما سهلت وتعاونت مع القوى الأمريكيَّة المحتلة للاحتلال المشترك للعراق, ويرى المحللون أن أكراد العراق اليوم الذين يسكنون المناطق الحدوديَّة مع إيران يعانون الكثير، وأنهم كانوا في سنوات خلت يُتباكى عليهم من قِبل إيران وأمريكا بعد ما حدث في حلبجة واتخاذ تلك الأحداث ذريعة للتدخل في الشأن العراقي وحماية أكراد العراق.. فلماذا لا يتم حمايتهم الآن؟!

المصدر: الإسلام اليوم.