[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
ابتهاج غير عادي أبدته إيران وقادتها لإعلان أمريكا الأسبوع الماضي الانسحاب الكامل من العراق نهاية ديسمبر.. لعله أكثر من العراقيين أنفسهم الذين أحسوا أنهم لم يتخلصوا بعد من عدوهم، أو أنهم وقعوا في أيدي عدو آخر قد يكون أكثر خطرًا من الاحتلال الأمريكي، حيث رأى الكثيرون أن الانسحاب الأمريكي سيتبعه تدخل وسيطرة قوية من إيران، التي تربطها صلات قوية مع حكومة الطائفي نوري المالكي في بغداد.
فبعد هذا الإعلان سارع الإيرانيون لتهنئة العراقيين، وقد وصف مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي هذا الانسحاب بأنه "نصر ذهبي" -لم يحدِّد لمن هذا النصر-، بينما كان يؤكد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد دومًا أن انسحاب القوات الأمريكية من العراق أمر جيد كان يجب أن يحصل منذ فترة طويلة، متوقعًا أن يؤدي ذلك إلى تغيير في العلاقات بين طهران وبغداد لم يحدد نوعها.
وبالنسبة لواشنطن، فقد انتقد اليمين الأمريكي قرار الانسحاب الكامل للقوات، حيث رأوا أنه "يعزز نفوذ إيران"، وأنه بمنزلة "انتصار استراتيجي" لأعداء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وخصوصًا للنظام الإيراني، بل ذهبوا إلى القول بأن الانسحاب يلقي العراق في أحضان إيران، وأن الأخيرة انتصرت على واشنطن في بلاد الرافدين.
وبحسب محللين، فإن الانسحاب الأمريكي من العراق بالفعل سيولد فراغًا أمنيًّا وسياسيًّا سيعطي إيران وضعًا تفضيليًّا أكبر مما هو الآن في العراق؛ نظرًا للارتباط الوثيق بحكومة الشيعي نوري المالكي وهو ما ظهرت مؤشراته الأيام الماضية من الزيارات المتتالية لمسئولين إيرانيين لبغداد، والتأكيد على التعاون والشراكة بينهما مستقبلاً. بل هناك من ذهب إلى أن الضغوط الإيرانية على حكومة المالكي هي التي نجحت في إخراج القوات الأمريكية، وأنه بعد الانسحاب الفعلي سيحتفل الإيرانيون بالنصر، ويعلنون أنهم ورثوا العراق وأخضعوه لنفوذهم التام.
والأهم من ذلك وهو ما صرح به مسئولون أمريكيون، وهو أن واشنطن ستُبقي على وجود كبير تصفه بالمدني في العراق، كما ستُبقِي آلاف "المتعاقدين من الباطن" الموظفين لدى شركات عسكرية خاصة، أي قوات المرتزقة في العراق أمثال بلاكووتر السيئة السمعة.
ولعل العراقيين لم يفرحوا بهذا الانسحاب لهذه الأسباب، وقد أعربوا أيضًا عن قلقهم بشأن مدى قدرة قواتهم المسلحة على حمايتهم من العنف وتحقيق استقرار البلاد، والتخوف من انزلاقها لعنف طائفي، فضلاً عما تمر به البلاد من عدم الاستقرار سياسيًّا، وهم لا يزالون يحملون ذكريات الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الاحتلال خلال سنوات الاحتلال منذ الغزو عام 2003م.
وأعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم 21 أكتوبر أنه سيسحب حوالي 39 ألف جندي ما زالوا متمركزين في العراق بنهاية 2011م، بعد تسع سنوات تقريبًا على الغزو الأمريكي للعراق، والذي خسرت خلاله قوات واشنطن في مواجهاتها مع المقاومة -وحسب الإحصائيات الرسمية للبنتاجون- أكثر من 4600 جندي أمريكي قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى، زيادة على تكاليف مالية فاقت 3000 مليار دولار. وجاء قرار الانسحاب؛ نظرًا لأنه لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الحكومة العراقية يضمن لها حصانة قضائية بعد هذا التاريخ.
وفي النهاية يبدو العراق مقبل على مرحلة الانتقال إلى التحول إلى منطقة نفوذ إيرانية خالصة، والسؤال يدور الآن حول ماذا سيكون موقف السنة في العراق إزاء السيطرة الشيعية الإيرانية الكاملة؟ وهل نحن بصدد حمام دم جديد في العراق يسقط فيه أضعاف ما سقطوا على يد الاحتلال الأمريكي طيلة 9 أعوام؟
المصدر: موقع المسلم.