طارق الحميد
الحرب أولها الكلام، وكل المؤشرات اليوم تقول إننا وصلنا إلى أصعب مراحل اتخاذ القرار الإسرائيلي لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، لدرجة أن طهران نفسها باتت أكثر توقعا بحدوث هذه الضربة العسكرية للحيلولة دون وصولها إلى مرحلة تملك السلاح النووي، ولذلك بتنا نسمع اليوم قرع طبول الحرب بين الإسرائيليين والإيرانيين!
والأفضل لنا أن نصدق بأننا بتنا نقترب من دائرة اللحظات الصعبة باتخاذ قرار الضربة الإسرائيلية لإيران، فرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو صرح الأسبوع الماضي بأن إيران لم تتجاوز الخطوط الحمراء لكنها باتت داخل المنطقة الحمراء. وهناك مسؤولون في المنطقة يعتقدون أيضا أننا وصلنا إلى اللحظات الحرجة، وهناك مؤشرات أخرى مهمة، وهي حجم التصريحات عن الأوضاع في سوريا، لكن دون تحرك، مما يوحي بأن القرار الإسرائيلي بتوجيه ضربة عسكرية لإيران هو ما يعطل أي تحرك في سوريا. فتوجيه ضربة عسكرية لطهران من شأنه أن يؤثر على الملف السوري كثيرا، خصوصا إذا فكر الأسد في فتح جبهة قتالية ضد إسرائيل تخفيفا للضغط على إيران، وهذا هو المتوقع.
ويبقى هناك أمر آخر مهم في جملة المؤشرات التي تقول إننا اقتربنا من اللحظات الحرجة بقرار توجيه الضربة العسكرية لإيران، وهو التصريحات الإيرانية الأخيرة، وعلى المستوى العسكري؛ ففي شق تظهر تلك التصريحات أن جنرالات، وليس ملالي، إيران باتوا مقتنعين بأن الضربة مقبلة لا محالة، وردود فعلهم، وهو الشق الآخر لتلك التصريحات، تظهر الربكة أكثر من الثقة؛ فقبل يومين كان هناك تصريح إيراني بأنه في حال قامت إسرائيل بمهاجمة إيران فإن ذلك يعني نهاية الدولة العبرية، ثم بالأمس كان هناك تصريح آخر لقائد الحرس الثوري الإيراني يقول فيه بأنه وقتما ثبت لطهران أن الضربة الإسرائيلية مقبلة فإن إيران قد تقوم بهجمة وقائية، مع توقع القائد الإيراني أن تؤدي تلك الضربة إلى حرب عالمية ثالثة، بعد أن قالت إيران بأن الضربة العسكرية ستؤدي لنهاية إسرائيل!
وهذه التصريحات الإيرانية الأخيرة، وفي ظرف أسبوع واحد، تظهر حجم الربكة والقلق في إيران، وخصوصا التصريح القائل بأن إيران قد تقوم بهجمة وقائية، وأن جميع الأهداف الأميركية في المنطقة ستكون مستهدفة، فهذا التصريح وحده يصب في خانة دعم نتنياهو في حملته السياسية بأميركا من أجل إقناع الرئيس أوباما، المشغول بالانتخابات الرئاسية، بضرورة التحرك ضد إيران الآن، وهو ما يبدو أن أوباما يرفضه في هذه اللحظة. لكن التصريحات والتحركات الإيرانية قد تدفع الأمور إلى منحى آخر، وقد تعجل بالضربة التي باتت أقرب من أي وقت مضى، وستكون عاصفة، ومهما قال الإيرانيون، فإن الضربة ستكون مدمرة لإيران دون شك، وستكون الضربة العسكرية هي أول مرة يكون اللعب فيها على الأراضي الإيرانية، وطوال فترة العبث الإيراني بالمنطقة. وبالتأكيد فإن الضربة، وإن حدثت، لن تكون سهلة، بل ستغير قواعد اللعبة تماما في المنطقة. ولذا فإن السؤال هو: هل استعدت منطقتنا لعاصفة شديدة على وشك أن تهب رياحها بمنطقتنا؟ أتمنى ذلك، فقدر هذه المنطقة، وقدرنا نحن أبناءها، أننا مثل الرهائن في حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، بل هي حرب إيران التي تريد بسط نفوذها في منطقتنا.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]