إيران وشيعة العرب .. الاتحاد السعودي البحريني نموذجا

[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
لم يكن رد الفعل الإيراني الذي اتّصف بالتوتر والتشنج على المسعى السعودي لإقامة اتحاد مع دولة البحرين مستغربًا.

رد الفعل هذا استمر على الرغم من التأكيد على أنّ هذا الاتحاد جزء من اتحاد خليجي أوسع يستهدف تطوير مجلس التعاون، وقد تنضم إليه دول عربية أخرى كما تردد.

إيران ترى في الاتحاد تهديدًا للغالبية الشيعية في البحرين، وعقبة كئود أمام مطامعها بهذا البلد.

يتعيّن أن نفهم أنّ إيران لا تنظر إلى شيعة الخليج والعراق ولبنان وسوريا باعتبارهم مواطنين في دولهم، يتشاركون مع الشيعة الإيرانيين في اتّباع نفس المذهب، لكنها تنظر إليهم بوصفهم ضمن تابعيتها الدينية والسياسية، فهي مرجعيتهم وغطاؤهم الذي يحميهم، وتعمل بكل السبل على تمكينهم من حكم أنفسهم بأنفسهم، ربما وصولاً إلى إقامة إمبراطورية شيعية، بعد تجاوز مرحلة "المثلث الشيعي".

بنظرة إلى الأوضاع العراقية، وما آلت إليه من تحكّم لفئة من الشيعة مرتبطة بإيران، بمقدرات ومفاصل البلاد، وإقصائها كل مَن لا يدين بهذا الولاء، بل وقتل كثير من السُّنَّة على الهوية، وخصوصًا الطيارين وقادة الجيش الذين قاتلوا في "قادسية صدام".

وبنظرة إلى تفاخر زعيم حزب الله حسن نصر الله بأنّه من أتباع الولي الفقيه، واشتراك الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في قمع الثورة السورية على نظام بشار الأسد، يتّضح حجم الارتباط الذي يجمع فئة من زعماء شيعة تلك البلدان بقمّ وطهران.

طبعًا ليس كل الشيعة على منهج "الولي الفقيه"، فثَمَّة من الشيعة وطنيون وقوميون ويرفضون هذا "التسلط" الإيراني، غير أنّ القوى التي تتصدّر المشهد وتتحكّم برقاب البلاد والعباد، مرتبطة "حتى النخاع" بإيران.

صحيح أننا لم نسمع في العراق مثلاً عن المناداة باتّباع نهج الولي الفقيه، وما ذلك إلاّ "تقية"، إذ كيف يطلق هذا النداء من جاء على متن الدبابة الأمريكية، ووصل إلى الحكم تحت مظلة ديمقراطية ودستور "بول بريمر"، فضلاً عن خصوصية عراقية لا تسمح بذلك في هذا الأوان! لكن التصرفات على الأرض والسعي إلى تقسيم البلاد والعباد يؤكّد أنّ السياسة تنفّذ على الأرض.

من حق السعودية والبحرين ودول الخليج أن تقيم اتحادها، كون هذا الاتحاد بمنزلة تطور طبيعي لمجلس التعاون، أسوة بأوربا التي حققت اتحادها منذ عقدين من الزمان، بعد أن راوحت في السوق الأوربية المشتركة عقودًا طويلة.

ليس من الضرورة التذكير بأهمية الكتل الاقتصادية والسياسية في عالم اليوم، وليس مهمًّا التأكيد على أهمية الوحدة التي تعدّ قوة بحد ذاتها، كما هو في المأثور عن السلف، لأننا سمعنا كثيرًا عنها من زعماء ما قبل الربيع العربي ولم نرَ طحنًا، لكن المهم أن تعي دول الخليج حجم المطامع الإيرانية، واستعداد طهران لفعل كل شيء؛ لكي تبسط هيمنتها على شيعتها في تلك الدول.

المصدر: صحيفة السبيل الأردنية.