[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
كل المعطيات العربية الراهنة تشير تلقائيًّا إلى ضرورة امتناع القادة العرب الشرفاء عن حضور القمة التي يسعى أذناب الصفويين من حكام العراق إلى عقدها في بغداد المحتلة -فك الله أسرها- بكل ما أوتوا من قوة.
المصدر الأول الباعث على رفض هذه المهزلة هو المكان، ونعني به عاصمة الرشيد في ظل الاحتلال الصفوي التام، وبقايا الاحتلال الصليبي المتواطئ معه من قبل ومن بعد.
فبغداد الكسيرة الحزينة تعاني من محنة تتجاوز مأساتها تحت سنابك التتار، الذين تآمر معهم الوزير الرافضي الخائن ابن العلقمي، والذين دخلوا بغداد للقتل ونشر الخراب يرافقهم المعمم الرافضي نصير الدين الطوسي. وليس أدل على أن الحقد الدفين هو ذاته في المرتين، من أن الهالك الخميني يبجل الخائِنَيْن ابن العلقمي والطوسي ويعدُّ عمالتهما "نصرًا للإسلام".
كَتَبَ الخميني الحقود ذلك قبل سنوات من غزو الصليبيين الجدد لبغداد بالتواطؤ مع خلفائه في طهران. ولذلك تفرد محمود أحمدي نجاد من بين رؤساء الدول الإسلامية بزيارة عاصمة الرشيد وهي ترسف تحت أغلال الأمريكيين، الذين يتظاهر ملالي قم بالعداء لهم ويصفونهم بـ"الشيطان الأكبر"!! واستضيف نجاد في المنطقة الخضراء بحراسة المارينز، وما زال أحفاد أبي لؤلؤة المجوسي يزعمون أنهم رءوس المقاومة وزعماء الممانعة في وجه واشنطن وتل أبيب!!
ويجب ألا يغيب عن ذهن صانعي القرار العربي أن نور المالكي الذي يستجديهم للحضور؛ كي يصطنع رداء عروبيًّا زائفًا، لم يوقف سياساته الطائفية البغيضة التي ينتهجها التزامًا بإملاءات سيِّده الولي الفقيه، حتى بصفة مؤقتة مراعاةً لمشاعرهم في الأقل، بالرغم من أن الحكم على السياسات أعمق غورًا من المجاملات الآنية العابرة. فما زالت أجهزة قمعه تطارد الأحرار والشرفاء وتزجهم في غياهب السجون الرهيبة، حيث التعذيب بات مع الفساد غير المسبوق هما صناعة "العراق الجديد"، بحسب تعبير الجارديان البريطانية قبل أسابيع معدودة.
ولم يَنْجُ من ممارساته المستمرة في خدمة المجوسية المعاصرة حتى الذين شايعوا العملية السياسية الآثمة التي رعاها الاحتلالان الصليبي والصفوي، من أمثال طارق الهاشمي، الذي نام وهو رئيس للجمهورية ثم صحا من نومه ليجد نفسه شريدًا طريدًا بـ150 اتهامًا بالإرهاب!!
كل ذلك أصبح عملاً يوميًّا اعتياديًا ومألوفًا في دولة الموت الجاثمة على بلاد الرافدين العزيزة.
وفي المجال الإقليمي أصبح عراق الصفويين شوكة في الخاصرة العربية، ابتداء من معارضة بناء الكويت ميناء لها في جزرها، مرورًا بالعودة إلى خرافة ترسيم الحدود معها وكأنّ شيئًا لم يتم منذ غزو صدام للكويت في عام1990م حتى اقتلاع الأمريكان لنظامه في عام 2003م؛ بذريعة تهديد جيرانه وامتلاكه أسلحة تدمير شامل ثبت أنه لا وجود لها!!
وأما الكارثة الكبرى في هذا المضمار فشهدتها -وما زالت تشهدها- سوريا الحبيبة؛ فالقوم الذين صدّعوا رءوس العالم باتهام نظام بشار بتصدير الإرهاب إلى العراق، اتخذوا وضع الدفاع الشرس عنه؛ لأنهم مجرد أدوات يحركها خامنئي كيف يشاء وبحسب مصالح مشروعه الصفوي التوسعي الدموي الخطير.
فإذا كانت المؤشرات الأساسية سلبيَّة: المكان والمضيف بتبعيته لمشروع مُعَادٍ للعرب عداء جذريًّا، وفقًا لسلوكه في داخل بلده وفي محيطه، وهي كافية لإجهاض هذه القمة المزوّرة.. فكيف إذا سجلنا المتوقع حضورهم من بقايا الطغاة الذين لا يُسْخِطهم المد الصفوي ولا الصهيوني ولا الصليبي مثقال ذرة، ما دامت كراسي طغيانهم ونهبهم لشعوبهم مستقرة؟! وما القرارات الرديئة التي سوف يسعون لتمريرها، والقرارات المعقولة التي سوف يستبسلون لنسفها أو تمييعها؟!
إن الأمر لا يحتاج إلى رجم بالغيب؛ فـ"ليالي العيد تتبين من عصاريها" كما يقال في الأمثال الشعبية.
لقد أشرنا إلى تلك العوامل الملموسة المتصلة بظروف انعقاد القمة القريبة، ولم نجدِّد التذكير بالداء العضال الذي يشكو منه العمل العربي المشترك في الأصل، وهو يتطلب تغييرات جذرية لكي تصبح الجامعة جامعة عربية فعّالة تمثِّل مصالح الشعوب لا مكاسب المستبدين التابعين لهذا العدو أو ذاك.. فذلك أصبح معلومًا للجميع ولا حاجة إلى تكرار الحديث عن أمرٍ أجمع العقلاء على حتميته لإنقاذ التعاون العربي من ميراث تُجّار الشعارات الكاذبين الخاطئين.